بحث مخصص

2007-08-30

الحــــــب والجنـــــــون




في قديم الزمان حيث لم يكن على الأرض بشر بعد ... كانت الفضائل والرذائل.. تطوف العالم معا".. وتشعر بالملل الشديد.... ذات يوم...

وكحل لمشكلة الملل المستعصية... اقترح الأبداع.. لعبة.. وأسماها الأستغماية.. أو الغميمة.. أحب الجميع الفكرة... وصرخ الجنون: أريد أن أبدأ.. أريد أن أبدأ... أنا من سيغمض عينيه.. ويبدأ العدّ... وأنتم عليكم مباشرة الأختفاء.... ثم أنه اتكأ بمرفقيه..على شجرة.. وبدأ... واحد... اثنين.... ثلاثة.... وبدأت الفضائل والرذائل بالأختباء.. وجدت الرقة مكانا لنفسها فوق القمر.. وأخفت الخيانة نفسها في كومة زبالة... وذهب الولع واختبأ... بين الغيوم.. ومضى الشوق الى باطن الأرض... الكذب قال بصوت عال: سأخفي نفسي تحت الحجارة.. ثم توجه لقعر البحيرة.. واستمر الجنون: تسعة وسبعون... ثمانون.... واحد وثمانون.. خلال ذلك أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها... ماعدا الحب... كعادته.. لم يكن صاحب قرار... وبالتالي لم يقرر أين يختفي.. وهذا غير مفاجيء لأحد... فنحن نعلم كم هو صعب اخفاء الحب.. تابع الجنون: خمسة وتسعون....... سبعة وتسعون.... وعندما وصل الجنون في تعداده الى: مائة ،،،،،،قفز الحب وسط أجمة من الورد.. واختفى بداخلها.. فتح الجنون عينيه.. وبدأ البحث صائحا": أنا آت اليكم.... أنا آت اليكم.... كان الكسل أول من أنكشف...لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه.. ثم ظهرت الرقّة المختفية في القمر... وبعدها.. خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع النفس ... !!واشار على الشوق ان يرجع من باطن الأرض... وجدهم الجنون جميعا".. واحدا بعد الآخر.... ماعدا الحب... كاد يصاب بالأحباط والبأس.. في بحثه عن الحب...الى ان اقترب منه الحسد ،،،وهمس في أذنه: الحب مختف في شجيرة الورد... التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرمح.. وبدأ في طعن شجيرة الورد بشكل طائش ،،،،،، ليخرج منها الحب ولم يتوقف الا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب... ظهر الحب.. وهو يحجب عينيه بيديه.. والدم يقطر من بين أصابعه... صاح الجنون نادما": يا الهي ماذا فعلت؟.. ماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر ؟... أجابه الحب: لن تستطيع إعادة النظر لي... لكن لازال هناك ماتستطيع فعله لأجلي... كن دليلي ... وهذا ماحصل من يومها.... ........يمضي الحب الأعمى ... يقوده الجنون
مع تحياتى
فادى الساهــــــــــــر
لو اعرف ان الحب سيقتلنى لاعدت قبل الحب اكفانى

هدية اللبان




رن جرس الباب، فنظرت إلى الساعة، و وجدتها تُشير إلى السابعة مساء. لابد أنه اللبّان...لقد أعتاد أن يأتى فى مثل هذا الوقت طوال السنوات الماضية. كان شخصاً مسيحياً، محباً، بشوشاً، لا تفارقه الابتسامة، و هو اعتاد أن لا يأتى من تلقاء نفسه فى أيام الصوم، لأنه يعرف إننا لن نحتاج إلى اللبن. المهم، فتحت الباب...."أهلاً بك، إزيك يا عم جرجس؟". "الحمد لله". قالها باقتضاب شديد و بلهجة حادة. صب لى ما أحتاجه من اللبن، و دخلت لأحضر النقود و أعطيها له و قلت: "أراك كئيباً على غير العادة ماذا بك؟". "أبداً واحدة من الزبائن - مدام دميانة - أنتِ تعرفينها، علبها لى مبلغ كبير من المال، نظير لبن بعته لها طوال الثلاث أشهر الماضية، و قد انتقلت إلى بيت آخر و لم تترك عنوانها الجديد و لا يعرف أحد من جيرانها أين ذهبت". لم أعرف ماذا أقول فتمتمت ببعض الكلمات مثل: "معلهش....و لا يهمك". كنت أعوف دميانة، و أراها دائماً مع أولادها الصغار الأربعة. ظروفها المادية كانت صعبة، و زوجها كان يبحث عن عمل آخر مُجزى. مرت ثلاثة أيام صوم يونان، لم أرى فيها عم جرجس، و لكن عندما جاء بعد الصوم، وجدت أن حاله لم يتحسن، بل بالعكس تحولت الكآبة إلى غضب و عصبية...فسألته "هل مازلت متأثراً بما حدث؟" "نعم" لم يهن علىّ أن أرى شخصاً مرحاً، يمتلئ مرارة بسبب موضوع مادى. فقلت له: "نصحتنى جدتى زمان أنه عندما يأخذ أحداً شيئاً يخُصنى رغماً عنى، أعطيه له هدية منى". "ماذا تقصدين؟" "يجب أن تعطى اللبن هدية منك لدميانة و أولادها، و تذكر أنه لولاك لما شرب الأطفال لبناً دافئاًفى أشهر الشتاء الباردة". "و لكن اللبن قيمته حوالى مائة جنيه، و أنا لم اُعط أحداً من قبل هدية ثمينة كهذه" "تذكر وصية الرب يسوع، من أخذ الذى لك فلا تُطالبه" "لا أقدر على تنفيذ هذه الوصية، فهى صعبة جداً" قال هذا و مضى. عندما جاءنى اليوم التالى...ضحكت معه قائلة: "إيه أخبار الهدية يا عم جرجس؟" رد: "أحاول و لكنى لا أقدر...فمازلت أُريد نقودى". تغيب يومين و عندما رأيته قال لى: "لقد صليت كثيراً لياة أمس، و طلبت قوة لتنفيذ الوصية...لقد أعطيتها اللبن هدية منى. و كم أنا سعيد بهذا" فرحت أنا أيضاً لأنه نفذ الوصية، و عاد لطبيعته المرحة البشوشة. فى اليوم التالى رأيته يضحك قائلاً لى: "هل تدرى ماذا حدث أمس بعد أن تركتك؟" "أحكى لى..." "واحد من زملائى مريض، و طلب منى أن أقوم ببيع اللبن لزبائنه ريثما يتعافى من مرضه. و فيما أنا راكب الدراجة سمعت صوتاً يُنادى علىّ...عم جرجس...عم جرجس...أوقفت الدراجة لأرى صاحبة الصوت، و إذا بها مدام دميانة تجرى خلفى و تقول و هى تلهث: إزيك يا عم جرجس، أنا آسفة جداً لأننى نقلت بدون ترك عنوانى الجديد، أنا مدينة لك بمائة جنيه....صحيح أنا لا أملك المبلغ كله الآن، و لكن أرجو أن تأخذ عشرين جنيهاً الآن، و تعود مع بداية كل شهر حتى أسدد الدين كله" سألته: "و هل أخذت العشرين جنيه" رد بابتسامة عريصة: "و هل يأخذ أحداً ثمن الهدية"

جحـــود أبــــن



يحكى ان امرأة عوراء عاشت الحياة وقسوتها بعد رحيل زوجها. وقد خلف له
ولدا بلا سند مادي او معنوي. فعملت بعين واحدة لتقوم بتربية طفلها الذي بدأ يكبر. ادخلته المدرسة وهي تمسح دمعة في اول يوم مدرسة له، وهي ذكرى تبقى عزيزة على قلب كل أم وقد بدأ وليدها ينسلخ عنها.. لم تطق صبرا على بعده.. لحقت به الى المدرسة لتطمئن عليه . وعندما عادا الى البيت لمحت مظاهر الحزن على وجه وحيدها سألته السبب: فاجاب الطفل بكل براءة الطفولة : لا اريدك ان تأتي الى المدرسة. لقد سخر منك رفاقي وضحكوا على عينك المقلوعة.. لم تهتم الام كثيرا لملاحظة وحيدها معللة صراحته بعفوية الطفولة.. مرت الايام والام تسقي وحيدها من نبع حنانها وعطائها حتي اصبح شابا.. لكنه اصر في كل مناسبة على ابعادها عن حياته لخجله منها ومن عينها المقلوعة كي لا يحرج بشكلها واذا تصادف ولمحها احد رفاقه يتفوه بافظع الالفاظ ويجبرها ان تختفي امام اصحابه.. تلملم الام جراح عاهتها في نفسها المطعونة بسيف اغلى الناس، ولا تملك الا عينا واحدة للبكاء تذرف دمعها بسخاء حزنا على الدنيا واساها. وتدعو لولدها بالهداية .. لكنها اكتشفت ان لا سبيل لاقناع ولدها بقبول عاهتها حين فضل الهروب منها وعنها، وذهب للدراسة في اميركا حيث يتحرر من امه، وانقطع حتى عن مراسلتها الا قليلا عندما يحتاج الى المال او المعونة.. مرت الايام.. سمعت من اهل لها واقارب ان ولدها قد تزوج ورزق بابناء.. هاجت عليها عاطفتها واستجمعت ما تبقى لها من قوة ومال يعينانها على السفر اليه واحتضانه فيفرح هذا القلب المكلوم ولو قليلا بلقياه، وتلقى احفادها الصغار وقد ذاب قلبها حبا عليهم..!! حملت ما حملت من هدايا وقصدت البلد البعيد، فتحت لها كنتها الباب، رحبت بها واسرعت الى زوجها تبشره بقدوم امه.. خرج ابنها اليها متجهم الوجه بادرها بفظاظة الولد العاق: لماذا لحقتني الى هنا؟؟ الم اهرب منك؟؟ ماذا تريدين مني؟؟ كانها صاعقة نزلت على رأس الام المسكينة، لم تحتمل الصدمة خرجت من عنده وكادت تقع ارضا.. تحاملت على جرحها.. وعادت الى بلدها حيث الوحدة والكرامة على نفس الطائرة التي اقلتها اليه..!! مر الزمن !! صار فيه الولد اباً فعرف قيمة الام والاب، وفي يقظة ضمير ندم على فظاعته فقرر العودة الى البلد لزيارة أمه ليستغفرها على فعلته.. قصد بيتها ليفاجأ بأنها رحلت عنه الى شقة تكاد تكون مأوى لا بيتا، لكن المأوى ايضا مغلق.. سأل الجيران عن امه! اجابوه: بان امه قد فارقت الحياة قبل ايام قليلة لكنها تركت له رسالة: أمسك بالرسالة بيد انتابتها رجفة الحسرة، قرأ فيها: ولدي الغالي: يعز علي ان افارق الدنيا دون ان اراك. لكنها رغبتك ان اظل بعيدة عنك كي لا تنحرج برؤية امرأة عوراء.. لكن سأحكي لك حكاية اخفيتها عنك عمرا كي لا احملك الذنب.. عندما كنت طفلا صغيرا تعرضت لحادث مريع ذهب بعينك، ولم يكن هناك بديل عن ان اهبك عيني ترى بها الدنيا.. اما انا فتكفيني عين واحدة ارى بها وجهك الغالي.. هذه حكاية واقعية.. ولنا ان نخمن نهايتها، وكيف قضى هذا الابن العاق بقية عمره!!..

هل يوجد فى العالم قسوه مثل ذلك ؟هبنى يارب الحنان والرافه هبنى ان اكون انسان اتحمل الناس فى مصائبه هبنى قلب طاهر حنون لكى اعطف على اخواتى واقاربى هبنى الحياه الخاليه من قلب اسود لا يعرف اللى القسوه

2007-08-27

three old men



three old men




A woman came out of her house and saw three old men with long white beards sitting in her front yard . She did not recognize them. She said 'I don't think I know you, but you must be hungry. Please come in and have something to eat . '



خرجت إمرأه من منزلها فرأت ثلاثة شيوخ لهم لحى بيضاء طويلة وكانوا جالسين في فناء منزلها.
لم تعرفهم. وقالت لا أظنني اعرفكم ولكن لابد أنكم جوعى. ارجوكم تفضلوا بالدخول لتأكلوا.



' Is the man of the house home?' they asked .



سألوها: هل رب البيت موجود؟



' No', she replied. 'He's out .'



فأجابت :لا، إنه بالخارج.



' Then we cannot come in', they replied .



فردوا: إذن لا يمكننا الدخول.



In the evening when her husband came home, she told him what had happened .



وفي المساء وعندما عاد زوجها أخبرته بما حدث.



' Go tell them I am home and invite them in .'



قال لها :إذهبي اليهم واطلبي منهم أن يدخلوا!



The woman went out and invited the men in .



فخرجت المرأة و طلبت إليهم أن يدخلوا.



' We do not go into a House together!' they replied .



فردوا: نحن لا ندخل المنزل مجتمعين.



' Why is that?' she asked .



سألتهم : ولماذا؟



One of the old men explained: 'His is Wealth,' he said as pointing to one of his friends, and said, pointing to another one, 'He is Success, and I am Love.' Then he added, 'Now go in and discuss with your husband which one of us you want in your home . '



فأوضح لها أحدهم قائلا: هذا اسمه (الثروة) وهو يومئ نحو احد اصدقائه، وهذا (النجاح) وهو يومئ نحو الآخر وأنا (المحبة)، وأكمل قائلا: والآن ادخلي وتناقشي مع زوجك من منا تريدان أن يدخل منزلكم.



The woman went in and told her husband what was said . Her husband was overjoyed .
' How nice!' he said. 'Since that is the case, let us invite Wealth. Let him come and fill our home with wealth !'



دخلت المرأة واخبرت زوجها ما قيل. فغمرت السعادة زوجها وقال: ياله من شئ حسن، وطالما كان الأمر على هذا النحو فلندعوا (الثروة). دعيه يدخل و يملئ منزلنا بالثراء!



His wife disagreed. 'My dear, why don't we invite Success ?'



فخالفته زوجته قائلة: عزيزي، لم لا ندعو (النجاح)؟



Their daughter-in- law was listening from the other corner of the house . She jumped in with her own suggestion: 'Would it not be better to invite Love? Our home will then be filled with love . '



كل ذلك كان على مسمع من زوجة ابنهم وهي في احد زوايا المنزل. فأسرعت باقتراحها قائلة: اليس من الأجدر ان ندعوا (المحبة)؟ فمنزلنا حينها سيمتلئ بالحب!



' Let us heed our daughter-in- law's advice,' said the husband to his wife !



فقال الزوج: دعونا نأخذ بنصيحة زوجة ابننا!



' Go out and invite Love to be our guest .'



إخرجي وادعي (المحبة) ليحل ضيفا علينا!



The woman went out and asked the three old men, 'Which one of you is Love? Please come in and be our guest . '



خرجت المرأة وسألت الشيوخ الثلاثة: أيكم (المحبة)؟ ارجو ان يتفضل بالدخول ليكون ضيفنا.



Love got up and started walking toward the house . The other two also got up and followed him . Surprised, the lady asked Wealth and Success: 'I only invited Love; Why are you coming in ?'



نهض (المحبة) وبدأ بالمشي نحو المنزل. فنهض الإثنان الآخران وتبعاه، وهي مندهشة
سألت المرأة كلا من (الثروة) و(النجاح)قائلة : لقد دعوت (المحبة ) فقط ، فلماذا تدخلان معه؟



The old men replied together: 'If you had invited Wealth or Success, the other two of us would've stayed out , but since you invited Love, wherever he goes, we go with him. Wherever there is Love, there is also Wealth and Success . '



فرد الشيخان: لو كنت دعوت (الثروة) أو (النجاح) لظل الإثنان الباقيان خارجا، ولكن كونك دعوت (المحبة) فأينما يذهب نذهب معه.
أينما توجد المحبة، يوجد الثراء والنجاح


2007-08-25

لماذا نؤمن ان المسيح هو الله


لماذا نؤمن ان المسيح هو الله
نيافة الانبا بيشوى


يتساءل البعض هل المسيح هو الله أم ابن الله؟
ونجيب علي ذلك بان السيد المسيح هو كلمة الله المتجسد، فهو الله من حيث الجوهر نفسه مع الأب والروح القدس من حيث لاهوته، وهو ابن الله من حيث انه الابن الكلمة المولود من الآب قبل كل الدهور. وهو نفسه الذي تجسد في العذراء القديسة مريم في ملء الزمان، وقد بدأالقديس يوحنا الانجيلي بشارته في الانجيل فكتب :«في الأصل كان الكلمة والكلمة كان نحو الله وكان الكلمة الله» (يو 1:1)
الكلمة هو صورة العقل غير المنظور. لأننا نعرف العقل بكلمته وبدون الكلمة يبقي العقل مجهولا بالنسبة لنا.
لقد ظهر السيد المسيح قبل تجسده من العذراء مريم للآباء والأنبياء. وكل ظهورات الله في العهد القديم كانت ظهورات للإبن الوحيد سابقة لتجسده. فقد ظهر لأبينا يعقوب في صورة انسان وصارعه حتي طلوع الفجر وعندما باركه واعطاه اسما جديدا. وقال يعقوب بعدها «لأني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي» (تك 32: 30).
وقبل ذلك ظهر السيد المسيح لابراهيم ومعه ملاكان في صورة ثلاثة رجال. قال له الرب أنا آت في نحو زمان الحياة ويكون لسارة ابن. وقد ورد اسمه في هذا الظهور في سفر التكوين باسم «يهو» وهو الإسم الخاص لله الذي ذكره الرب لموسي النبي في الجبل عندما سأله عن اسمه.
وقد ورد النص التالي في سفر التكوين في وصف جزء من قصة هذا الظهور للسيد المسيح مع الملاكين في صورة ثلاثة رجال: «وقالوا له: «أين سارة امرأتك؟ فقال: «هاهي في الخيمة». فقال: «إني أرجع اليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن». وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهو وراءه. وكان ابراهيم وسارة شيخين متقدمين في الأيام وقد انقطع ان يكون لسارة عادة كالنساء فضحكت سارة في باطنها قائلة: «أبعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ!» فقال الرب لإبراهيم: «لماذا ضحكت سارة قائلة: أبالحقيقة ألد وأنا قد شخت؟ هل يستحيل علي الرب شيء؟ في الميعاد أرجع اليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة ابن». فانكرت سارة قائلة: «لم اضحك».. فقال: «لا! بل ضحكت» (تك 18: 9-15).
نحن نؤمن ان المسيح هو الله: لأن بولس الرسول كتب يقول عن تجسد الله الكلمة «وبالاجماع عظيم هو سر التقوي: الله ظهر في الجسد» (اتي 3:6).
ولانه كتب ايضا في رسالته الي العبرانيين مقتبسا من المزامير «وعن الملائكة يقول: الصانع ملائكته رياحا وخدامه لهيب نار. واما عن الابن: كرسيك يا الله الي دهر الدهور قضيب استقامة فضيب ملكك» (عب 1: 7-8).
ونؤمن ان المسيح هو الله: لأن الرب في سفر اشعياء النبي يقول «أنا أنا الرب (يهوه) وليس غيري مخلص... وأنتم شهودي يقول الرب (يهوه) وأنا الله» (اش 43: 11-12).
ويتضح من كلام اشعياء النبي أن الله هو المخلص وملاك الرب الذي ظهر للرعاة في ليلة ميلاد السيد المسيح قال لهم «ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لو 2: 11).
والسيد المسيح قال لتلاميذه «ومتي جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. وتشهدون أنتنم ايضا لأنكم معي من الابتداء» (يو 15: 16-27).
وقال لهم ايضا «وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والي أقصي الأرض (اع 1: 8).
كذلك فإن يهوه الله يقول في سفر إشعياء لشعبه «أنتم شهودي» (اش 43: 12) والمسيح هو الذي قال ذلك لتلاميذه بعد اتمام الفداء ان يكونوا شهودا له لانه هو الله المخلص.
فالمسيح هو الله وهو المخلص وهو يهوه.
وقال عنه الملاك «وتدعو اسمه يسوع (يهوشوع) لأنه يخلص شعبة من خطاياهم» (مت 1: 21). أي ان سبب تسميته يسوع هو أن معني هذا الإسم (يهوشوع) هو يهوه خلص أي الرب صنع الخلاص.
وقد تغني اشعياء النبي بهذا الخلاص فقال «هوذا الله خلاصي فأطمئن ولا أرتعب لأن ياه يهوه قوتي وترنيمتي وقد صار لي خلاصا» (اش 12: 2).
ففي هذه الأنشودة الموحي بها من الله يقول أن الله يهوه ليس فقط هو المخلص بل هو الخلاص نفسه.
ويمكننا ان نضع جنبا الي جنب عبارة «صار لي خلاصا» (اش 12: 2) مع عبارة «الكلمة صار جسدا» (يو 1: 14). ونري ما بينهما من تطابق المعاني.
كما ان سمعان الشيخ حمل الطفل المولود يسوع علي ذراعيه وبارك الله قائلا «الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام. لأن عيني قد ابصرنا خلاصك. الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور اعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل» (لو 2: 29-32).
ونؤمن ان المسيح هو الله: لأنه هو الوحيد الذي استطاع ان يخرج الشياطين منذ سقوط البشرية تحت سلطان ابليس، بعد سقوط ابوينا الأولين. فحتي داود النبي نفسه بمزاميره المملوءة من النبوات لم يمكنه ان يخرج شيطانا من شاول الملك. واقصي شيء فعله هو انه كان يعزف مرنما بالمزامير فيهدئه فقط.
ونؤمن ان المسيح هو الله: لأنه هو الوحيد الذي خلق للمولود أعمي أعينا كقول الكتاب «منذ الدهر لم يسمع أن أحدا فتح عيني مولود أعمي» (يو 9: 32). وقد خلق له عينين بعدما تفل علي الأرض وصنع من التفل طينا وطلي به عيني المولود أعمي. تماما مثلما خلق هو نفسه جسد آدم من التراب في بداية خلق البشرية.
ونؤمن أن المسيح هو الله: لأنه هو وحده الذي استطاع ان ينقل البشر الذين ماتوا علي رجاء الخلاص من الجحيم الي الفردوس. وهو الوحيد الذي دمر متاريس الجحيم، واباد سلطان الموت وفتح الفردوس مرة اخري.
ونؤمن ان المسيح هو الله: لأنه أقام لعازر من الموت بعد موته بأربعة أيام ولم يحدث هذا قبل السيد المسيح علي الاطلاق. ولذلك قال المسيح «أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت الي الابد» (يو 11: 25-26) ويقصد انه يقيم الأموات ويمنح الحياة الأبدية للمؤمنين باسمه حينما يقيمهم في اليوم الأخير فلا يقوي عليهم الموت الأبدي.
ونؤمن ان المسيح هو الله: لأنه هو الديان الذي سيدين العالم كله في اليوم الأخير.
بل قال لليهود إن «الآب لايدين أحدا بل قد أعطي كل الدينونة للابن. لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب». (يو 5: 22-23). بمعني أن الآب قد أخذ دور الديان علي الصليب والإبن هو الذي أوفي الدين بآلامه، لذلك فسوف يأخذ دوره كديان في اليوم الأخير؛ لكي لايفتكر البعض عدم مساواته للآب في المجد لانه اخلي نفسه من المجد المنظور عندما تجسد وتألم من أجل خلاصنا. وبذلك يكرمون الابن كما يكرمون الأب.
ونؤمن أن المسيح هو الله: لانه هو الذي خلق كل العالم كما هو واضح في انجيل يوحنا «كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» (يو 1: 3).
ونؤمن أن المسيح هو الله: لانه «سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته» (مت 16: 27) في اليوم الأخير. ولأن مجده هو نفسه مجد ابيه لذلك قال ايضا انه «ومني جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين» (مت 25: 31). فهو مساو لأبيه في المجد والكرامة والسلطة والربوبية.
ونؤمن ان المسيح هو الله: لأن له نفس ألقاب الآب التي لايشاركه فيها احد من الخليفة؛ مثل لقب «ملك الملوك ورب الأرباب» فقد ورد هذا اللقب عن الأب في رسالة بولس الرسول الأولي الي تيموثاوس «إلي ظهور ربنا يسوع المسيح الذي سيبينه في أوقاته المبارك العزيز الوحيد، ملك الملوك ورب الأرباب» (1 تي 6: 14-15).
وقيل عن الابن في سفر الرؤيا «والخروف يغلبهم، لانه رب الأرباب وملك الملوك (رؤ 17: 14) .
وأيضا عن الابن في سفر الرؤيا «وله علي ثوبه وعلي فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب (رؤ 19: 16).

أخيراً بدأت تفهمنى


أخيراً بدأت تفهمنى


سألت الرب ان يأخذ مني فسادي وضعفي

فأجاب :لا هي ليست موجوده لاخذها - بل هي موجوده لتنتصر عليها انت

سألت الرب ان يمنحني جسدا كاملا

فأجاب :لا روحك كامله اما جسدك فمؤقت

سألت الرب ان يمنحني الصبر

فأجاب :لا الصبر هو نتيجة للصعوبات - وهو لا يعطى بل يكتسب

سألت الرب ان يمنحني السعاده

فأجاب :لا انا اعطي البركات فقط السعادة عليك انت

سألت الرب ان يحررني من الألم

فأجاب :لا الألم يجعلك بعيدا عن العالم ويقربك الي اكثر

سألت الرب ان يجعل روحي تنمو

فأجاب :لا عليك ان تنميها بنفسك لكني أقلم لك الاغصان لكي تحمل ثمارا

سألت الرب ان يجعلني احب الحياة

فأجاب :لا انا سأعطيك الحياة وانت استمتع بكل تلك الاشياء

سألت الرب ان يجعلني احب الاخرين مثلما احبني هو

فأجابني الرب اخيرا , بدأت تفهمني

افهم ما يحدث وسوف تتبارك

بالنسبة للعالم قد لاتغير اكثر من شخص

ولكنك يمكن ان تغير لشخص ما العالم

إيمان وسط الظلام




إيمان وسط الظلام



كُتب الكتاب المقدس لأناس بلا إيمان حقيقي، وليس الإيمان "تصديق ما تعرف أنه غير صحيح" ولا هو "تصديق أمرٍ لا يقوم عليه دليل" فإن هذا من الحماقة!
ولكن قراءتنا للكتاب المقدس ستُنتج الإيمان الصحيح فينا. وإن كان لنا إيمان قليل فإن قراءتنا للكتاب المقدس تزيده. وليس في هذا طقوس غامضة، فقد وُلدنا لنؤمن بالأطباء، وموظفي البنوك، وشركاء الحياة، والرؤساء.وبدون هذا الإيمان الطبيعي سنعجز عن العمل، فالأيمان إذاً ممكن للجميع.
ويقول الناس عادةً: "إن رأيت أؤمن". ولكن إن برهن الإنسان على صدق شيء فلا ضرورة للإيمان، كما أن عدم رؤية شيء ليست برهانًا على الكفر به! فنحن لا نرى أحدُُ قط، ولكن الملايين يرون تأثيره في حياتهم. فالإيمان هو اتخاذ قرار.
صمام الإيمان
ليس للإيمان حجم ولا وزن، فالأيمان هو ما تفعله. حدَّثنا المسيح عن إيمان "مثل حبة الخردل" (لوقا17: 6) مشيرًا بهذا إلى شيء صغير جدًا، ولكنه ذو إمكانية هائلة. ويمكن اليوم أن نشبه الإيمان بالصمام الكهربائي (الفيوز) فهو صغير لكنه يوصِّل الطاقة الهائلة المولدة في محطات توليد الكهرباء إلى منازلنا. وبدون الفيوز تصبح أجهزتنا المنزلية عديمة الفائدة لأنها عاجزة عن الحصول على الطاقة.
ونحن كمؤمنين نعرف ما نؤمن به وبمن نؤمن، فالإيمان اختبار. عندما نقبل كلمة الله كما هي، ونقبل سلطانها الإلهي على حياتنا. نتَّصل بالمنبع الحقيقي، فالإيمان هو الصلة الحيوية، لأن به تتدفَّق قوى السماء إلى عالمنا. إن شدَّة عمل المسيح وعظمة فاعلية كلمة الله موجودة. لكن بدون إيماننا، ولو كان صغيرًا كالصمامة (الفيوز) تصبح كل هذه القوة والعظمة بلا فائدة، لأن الدائرة تنقطع. ولكن عندما تتصل بمصدر الكهرباء لا تملك الصمامة (الفيوز) إلا أن تُظهر تأثيرات الطاقة المتدفَّقة فينا، وتدفئنا. فالإيمان يجعلنا فعَّالين ممتلئين بالحيوية والحماسة والنشاط!
الإيمان عطية ذهبية
يختلف الإيمان بالمسيح عن أي إيمان آخر، حتى عن الإيمان الذي أعلنه العهد القديم، فإن العهد الجديد يعلن لنا إيمانًا "في المسيح" موحيًا بالحركة والاتجاه نحو الله في حب وثقة. إنه تعانق الله والإنسان! وهذا النوع من احتضان الله للإنسان لا يتم إلا في المسيح، الأمر الذي لم يكن يخطر ببال أحد من رجال العهد القديم، فقد كانوا يؤمنون أن الله روح، مختلفُُ عن كل من عداه، لا يقترب الإنسان منه إلا في خوف ورعدة. ولا يوجد في العهد سوى النشيد، وهو قصيدة حب تتلخص في العبارة القائلة "حبيبي لي وأنا له" (نشيد الأنشاد6: 3). وهو موقف الله من الناس الذي لم يدركوه حتى جاء المسيح.
وعندما واجه الناس العاديون حقيقة المسيح اكتشفوا فجأة أنه المخلَّص، فسلموا نفوسهم له بالكامل. ولم يُعد الإيمان قاصرًا على قليلين كما كان الحال في العهد القديم، فقد استطاع صليب الجلجثة أن ينجز ما لم تقدر الشريعة المعلنة في جبل سيناء أن تحققه، وأعلن المسيح طريقًا جديدًا للإيمان عندما قال: "ليس أحدُُ يأتي إلى الآب إلا بي" (يوحنا14: 6) فلم يشار لنا على طريق، بل أعلن أنه هو الطريق.

إيمان للوقت الحاضر
رأى رجلُُ أبرص شيئًا في المسيح لم يره إلا القليلون، وعندما التقى بالمسيح قال له: "إن أردت تقدر أن تُطهرني" (متى8: 2) لم يقُل "إن قدرت تريد" إنما قال: "إن أردت تقدر". وواضح من هذا أن الكتاب المقدس لم يُكتَب ليخبرنا عما يقدر الله أن يفعله، فهو قادر على كل شيء. إنما يُكتب ليخبرنا عما يقدر الله أن يفعله، فهو قادر على كل شيء، إنما كُتب ليخبرنا عما سيفعله.
من السهل أن نؤمن أن الله فعل أشياء عظيمة في العهد القديم، ولكن الإيمان بما حدث في الماضي لا يفيدنا إلا إذا آمنا أنه يمكن أن يحدث اليوم. لقد كتب يوحنا عن الإيمان في ثلاثة أزمنة: "نعمة لكم وسلام من الكائن، والذي كان والذي يأتي.. ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين" (رؤيا1: 4) فإن ما سيكونه هو كائن قائم الآن، وهو نفسه ما كان!
إن الإله الذي خلق الكون لم يتقاعد بعد أن أكمل مهمة الخلق، فما فعله في الماضي يكشف لنا ما هو عليه الآن، وما سيكون عليه دائمًا. إنه الخالق الفاعل الصالح. وقد كانت الخليقة أول معجزاته وأعظمها. ومن المؤسف أن كثيرين يؤمنون أنه فعل في الماضي ويصدّقون حدوث المعجزات التي ذكرها الكتاب المقدس، ويقبلون استجابات الصلاة قديمًا، لكنهم يرفضون أن يؤمنوا أنه يفعل في الحاضر، ويشكّون في إمكانية حدوث المعجزات في يومنا هذا، وإذا استُجيبت الصلاة يقولون إنها صُدفة! ولكن المسيح يردُّ على هذا التشاؤم بقوله: "إن آمنتِ ترين مجد الله" (يوحنا11: 40).
الإيمان يخترق الحصون
أساسيات الإيمان أننا عندما نعمل يعمل الله. كثيرًا ما يصلي الناس: "يا رب، استخدمني" ولكنهم لا يفعلون شيئًا. إنك لا تقدر أن تنتظر "لتشعر" بالإيمان ليس شعورًا لكنه قيامك بعمل ما يجب أن يُعمَل، وأنت تعرف أنك لا تنجز إلا إن ساعدك الله، وقد سجَّل الله وحيه للبشر في الكتاب المقدس ليهدم عدم الإيمان ويبني الثقة به. وإليك بعض الآيات التي تحطم حصون الشك: "لا تشاكلوا هذا الدهر (أي لا تتكيفوا مع هذا العالم)، بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رومية12: 2)
"إن آمنتِ ترين مجد الله" (فآمن إبراهيم بالله.. فدُعي خليل الله" (يعقوب2: 23)
"أنسى ما وراء، وأمتد إلى ما هو قدام. أسعى نحو الغرض" (فيلبي3: 13-14).
نتحدث عادة عن "مؤمنين كبار" ذوي "إيمان عظيم". ولا نقول إن أمرًا ما حدث لهم ألهمهم وشجعهم، فانتهزوا فرصتهم وغيَّروا موقفهم وصدَّقوا أن الإيمان وثبةُُ في النور لا في الظلام. فالتصديق يشبه طفلاً يقف في مكان خطر دون أن يخاف لأن أباه ينتظره ليمسك به، فهو يقف واثقًا أنه سيُرفَع! ولم يمدح المسيح الناس قط، لكنه مدح إيمانهم.



الإيمان الحقيقي
الإيمان الحقيقي هو أن نضع ثقتنا في شخص، فهو ليس إيمانًا "منطقيًا" ولا هو "أعمى". وفي كل العالم نجد الناس يؤمنون بديانات ونظريات وأحزاب وعبادات، دون أن يوعَدوا بشيء في هذه الحياة. ونسمع كثيرين ينصحوننا: "كن منفتح العقل. لا تكن متشددًا". فما فائدة هذه النصيحة؟ هل يطلب المسافرون أن يكون الطيار" منفتح العقل" يقودهم إلى حيث يشاء؟.. هل من كبرياء أن نطلب معرفة أن الشمس ستشرق في الصباح؟… فمن حق المؤمنين أن يكونوا متأكدين من المسيح ووعوده.
والذين لا يؤمنون بالله معذورون إن لم تصلهم معلومات عنه، ولكن كيف يغفر الله للذين يعرفون أنه أرسل ابنه ليموت عنهم دون أن يعيروا هذا التفاتًا؟ "وكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصًا هذا مقداره؟" (عبرانيين2: 3) ولكن يبدو أن أحدًا لا يدرك كيف سيكون حاله عند مقابلة المسيح حتى يقابله!
الإيمان ومواعيد الله
الإيمان هو الأساس الوحيد لعلاقة عملية، فنحن نثق في الشخص الذي نعرفه، والكتاب المقدس يعرَّفنا من هو الله الذي أعطانا كلمته ووهبنا فيها 7874 وعدًا بعضها لا يطالبنا بشيء، مثل: "مدة كل أيام الأرض زرع وحصاد، وبرد وحر وصيف وشتاء ونهار وليل، لا تزال" (تكوين8: 22) وبعضها يطالبنا بشيء نفعله، مثل "اطلبوا تأخذوا" (يوحنا16: 24).
إن ممارسة الإيمان في الصلاة نشاط صحي، يذكِّرنا باعتمادنا على الله، فبالصلاة يجعلنا الله عاملين معه، فنحن نطلب وهو ينجز، وقد خطط هو لهذا التعاون، فقال: "مهما سألتم باسمي فهذا أفعله" (يوحنا14: 13) وهذا الوعد يتمم مشيئة المسيح.
في الصلاة نحن نكلم الله، وهو يكلمنا في الوقت الذي يريده، وهو يعلن لنا مشيئته دون أن ننتزع نحن منه هذا الإعلان. تهدف الصلاة إلى وضعنا في خط واحد مع مشيئة الله، فيسرع باستجابة صلاتنا. ولا نحتاج أن "نجبره" على الاستجابة بصومنا أو تجميع مؤمنين يصلّون لأجلنا، فقد قال الرسول يعقوب: "لستم تمتلكون لأنكم لا تطلبون. تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون رديًا لكي تنفقوا في لذاتكم" (يعقوب4: 2-3) ولن يستجيب الله صلوات أصحاب القلوب الردية!
درجات الإيمان
كان القدماء مثل أخنوخ وإبراهيم وصموئيل رجالاً يعرفون الله، تعطينا قصص حياتهم إرشادًا مهمًا يصِّور الإيمان بأنه اعتماد عملي يومي على الله. وتستمر هذه الثقة في العهد الجديد وتتوسَّع، فقد علَّمنا المسيح أن الحالة الحقيقية لنفوسنا وأرواحنا هامةُُ جدًا. ويمكن أن يتبع الإيمان خط سير كالآتي:
1- تصديق أن شيئًا ما حقيقي. لا يكفي أن تؤمن أن الله موجود، فالشياطين تؤمن بهذا وتقشعر (يعقوب2: 19) ولكن التصديق هو مجرد بداية.
2- تصديق أن شخصًا ما صادق. ويصدق كثيرون أن المسيح كان إنسانًا صالحًا. غير أن المسيح قال إنه أعظم من هذا بكثير، فهو مخلص العالم.
3- تصديق أن المسيح شخصُُ مُلهَم، وأنه نبي. غير أن النبي يجب أن يُسمع، وسماعنا للمسيح وطاعتنا ينقلنا إلى خطوات أبعد من أنه مجرد نبي مُلهَم!
4- تصديق أن الله قادرُُ على كل شيء، وقد صَّدق كثيرون أن المسيح يقدر أن يشفي، ولكنهم لم يقبلوه ربًا ومخلصًا.
5- التصديق الواثق، فالثقة تجعل الإيمان مسألة شخصية، لأننا نضع ثقتنا في الذين لا يخذلوننا.
6- تصديق المسيح، وهذا هو الإيمان الحقيقي، لأنه تسليم كامل يجعل المسيح يحتل كل دائرة من دوائر حياتنا.
إيمان إبراهيم
يغير الإيمان الأشخاص الذين يغيرون العالم. كان إبراهيم أول من عُرف بأنه المؤمن الذي أطاع. وبسبب إيمانه نُقش اسمه في تاريخ العالم إلى يومنا هذا! ولم تكن التقاليد سبب إيمانه فلم تكن هناك تقاليد، ولا كان سبب إيمانه رجاءُُ مستقبلي، لكنه ببساطة سار مع الله بالإيمان، وكان "ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله" (عبرانيين11: 10) لقد كانت له رؤية جديدة تختلف تمامًا عن رؤية المحيطين به المتعطشين للدماء. لم يكن إبراهيم يعرف الكثير عن العالم المحيط به، لكنه عرف الكثير عن الحياة الحقيقية، وعندما دعاه الله ليترك بلده أور الكلدانيين، ذهب وهو لا يعلم إلى أين يأتي.
ويواجهنا سؤال: لماذا طلب الله من إبراهيم أن يقدم ابنه ذبيحة؟ لم يقصد الله أبدًا أن يُذبح إسحاق، لكنه كان يمتحن إيمان إبراهيم بحسب المستوى الحضاري في زمنه، فأظهرت طاعة إبراهيم إيمانه المذهل، وتقول رسالة العبرانيين19: 11 إن إبراهيم كان يؤمن أنه حتى لو ذبح إسحاق فإن الله سيقيمه من الموت. ولكن الله أمسك بيد إبراهيم، وأعلن لنا حضارةً جديدة تخلو من إراقة الدماء.
ولم يكتفِ الله بأن يرفع "أبرام" إلى "إبراهيم" (بمعنى الأب الرفيع)، لكنه أطلق على نفسه لقب "إله إبراهيم" وهذا يعني أن الإيمان يربطنا بالله، فقد قال المسيح: "كل من يعترف بي.. أعترف أنا أيضًا به" (متى10: 32).
الإيمان وأسماء الله
أطلق الله على نفسه أسماء كثيرة في الكتاب المقدس، يلقي كل اسم منها ضوءًا على جانب من شخصيته. وجاء في متى3: 11 وصفُُ للمسيح في عبارة تقول: "هو سيعمدكم بالروح القدس ونار، وهي عبارة مثيرة تُظهر أنه هو نفسه الإله الذي قال بفم يوئيل النبي: "أسكب روحي على كل البشر" (يوئيل2: 28) وقد أعطى الله لنا أسماءه في الوحي المقدس، ليعرَّفنا أسرار شخصيته، وليزيد إيماننا. وإليك بعض غِنى ما أعلنه الله لنا في أسمائه:
-"رب الجنود" (1صموئيل1: 3) بمعنى أن الله يؤيد شعبه في معاركهم.
-"يهوه يرأه" (تكوين22: 14) بمعنى أنه يدبر. وقد دبَّر فداء إسحاق بالكبش الذي دبَّره ليُذبح بدله. ولكن التحقيق الكامل للفداء في تدبير الله لفداء البشر جميعًا بالمسيح "حمل الله" الذي يرفع خطية العالم.
-"يهوه رافا" (خروج15: 26) بمعنى أنه يشفيني.
-"يهوه نسي" (خروج17: 15) بمعنى الرب رايتي، فهو يعطيني النصرة.
-"يهوه شالوم" (قضاة6: 24) بمعنى الرب سلام، فهو يمنح السعادة والرجاء والصحة والأمان.
-"يهوه صدقينو" (إرميا23: 6) بمعنى أنه برُّنا، وهي نبوة عن المسيح الذي يبرر الخاطئ الذي يؤمن به.
-"يهوه شمَّه" (حزقيال48: 35) بمعنى الرب هناك، فهو لا يجيء لأنه دائمًا موجود، ونحن لا نسبقه في الحضور، فقد قال المسيح: "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (متى18: 20).
وهناك أسماء كثيرة للرب، فهو كل شيء لكل الناس، و"حسب إيمانك ليكن لك". ولا يمكن أن ينتهي عمل الله.
الله الفاعل
ورد وعد الله "أن يفعل" و"أن يريد" نحو أربعة آلاف مرة في الكتاب المقدس، فهو الفاعل لما يريد، وقد ردد المسيح هذه العبارة كثيرًا جدًا، لأن كل سلطان في السماء والأرض قد دُفع له، وقد نفذ "فاعلية" الآب السماوي، وأظهر أن رغباته هي العليا. قال للأبرص "أريد فاطهُر" (مرقس1: 41) فأظهر صلاح إرادته ورحمتها وإيجابيتها. ويقول الكتاب إن إرادة الله وفعله أزليان. ولا يوجد ما يدعو لأن يخبرنا الله كيف كانت إرادته في الماضي، لولا معرفتنا أنها أزلية أبدية لا تتغير. ونحن نعرف الله من أفعاله، فهو الفاعل لما يريد بخلاف الآلهة الأخرى العاجزة. وإيماننا بالله يعني إيماننا أنه يريد ويفعل.
وعندما يقول الله "أريد" يكون هذا وعدًا وميثاقًا. خُذ مثلاً تكوين89: 10 "وكلم الله نوحًا وبنيه معه قائلاً: ها أنا مقيم ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم، ومع كل ذوات الأنفس الحية التي معكم.." فهذا وعدُُ من جانب واحد، وهو غير مشروط. أراد، فوعد، ففعل. وعود الله شاملة وصادقة، ولم يجبره أحدُُ ليعِدَنا بها.
ووعود المسيح هي للحاضر الفوري: "تعالوا إليَّ…وأنا أريحكم" (متى11: 28) "فأجعلكما صيادي الناس" (متى4: 19) وفي يوحنا 14: 16 "وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر" وقد حقق هذا الوعد يوم الخمسين بناءً على الإرادة الإلهية المنفردة، دون تدخل بشري! فلم يطلب التلاميذ هذا من المسيح، بل هو وعد ونفَّذ. لقد قال: "أبني كنيستي" وفعل، ولا زال يفعل، وسيستمر يفعل.
المعرفة تعني الثقة
يؤكد الوحي لنا أننا يمكن أن نثق في الله، لأننا نعرف من هو. إننا نثق في شخصٍ ما لأننا في أمانته واستقامته، فمن المهم جدًا أن نعرف من هو الذي نثق فيه. قال المسيح: "أنتم تؤمنون بالله، فآمنوا بي" (يوحنا14: 1)، وقال: "الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني" (يوحنا12: 44). لاحِظ أنه يكرر كلمة "بي"، لنعرف من هو الذي نثق فيه، فنؤمن به لأنه أمين وصادق. ويكرر الله هذا في إشعياء41: 14 و43: 11، 25 و46: 4 فيقول "أنا" "أنا هو" "أنا أنا هو" "أنا.. أنا.. أنا". وبهذا التكرار يقنعنا أن نثق أنه موجود وقادر "هكذا يقول الرب فاديكم" (إشعياء43: 14). فإن لم نضع ثقتنا فيه فلن نجد سواه "وليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلُص" (أعمال4: 12) ويقول الله في إشعياء41: 4 "أنا الرب الأول، ومع الآخرين أنا هو" وفي زكريا12: 10 يقول: "فينظرون إليَّ الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح على وحيد له". فالقائل "أنا هو" هو القائل "إليَّ" فالمسيح يقول "أنا هو" وقال: "قبل إبراهيم أنا كائن" (يوحنا8: 58) فهو الأزلي الأبدي الكائن دائمًا.
إيمان وسط ليالي الصعاب
نقرأ في يوحنا6 قصة مشهورة ومعروفة: "كان الظلام قد أقبل، ولم يكن يسوع قد آتى إليهم… مضى تلاميذه وحدهم" (يوحنا6: 17-22). كان التلاميذ الخبيرون ببحيرة طبرية قد ركبوا القارب ولم يكن المسيح معهم، وبهذا كانوا وحيدين، وجاءهم المسيح ماشيًا معهم، وبهذا كانوا وحيدين، وجاءهم المسيح ماشيًا على الماء ليطمئنهم من خوف وقال: "أنا هو. لا تخافوا". "أنا هو" فهو "الكائن" الذي يطمئن "فرضوا أن يقبلوه في السفينة، وللوقت صارت السفينة إلى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها" (يوحنا6: 21) عندما وصل المسيح وصلوا!
والمسيح هو النور الوحيد لعالمنا، فلو تبعت نورًا سواه لن يعرف إلى أين تصل. وينادينا البعض أن ننضم إليها للتفتيش عن الحق. ولكن ماذا عسانا نجد بغير النور؟ لقد حذَّرنا الرسول بولس ممن وصفهم بالقول: "يتعلَّمْنَ في كل حين، ولا يستطِعْنَ أن يُقبِلْنَ إلى معرفة الحق أبدًا" (2تيموثاوس3: 7).
وفكرة النور والظلمة تتكرر في كل إنجيل يوحنا، فهو يقول: "النور يضيء في الظلمة لم تدركه" (يوحنا1: 5) وللفعل "تدركه" عدة معاني، منها تلحق به، أو تفهمه، أو تمسكه، أو تغلبه. والواضح منها أن الظلمة لن تهزم النور. والإيمان هو الأشعة تحت الحمراء التي ترى في الظلام وتوضح الغامض.
من إيمان لإيمان
نقرأ في يوحنا9 أن المسيح التقى بمولود أعمى خارج الهيكل. وكان كل ما قدر التلاميذ أن يفعلوه هو أنهم سألوا إن كان عمى الرجل نتيجة خطاياه أم خطايا أبويه، فأجابهم المسيح: "لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه". ثم فتح عيني الرجل، معلنًا الصلاح الإلهي، ثم حوَّل المعجزة إلى مثَلٍ، وهو يقول: ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني مادام نهار. يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل، ونحن ينبغي أن نقوم بعمل الآب الذي أرسل المسيح، فنرد البصر ونأتي بالنور.
وعندما سُئل الأعمى الذي أبصر عمَّن شفاه ،أجاب: "إنسان يُقال له يسوع" (آية11) ولما أُعيد السؤال عليه أجاب: "إنه نبي" فقد كان إيمانه معجزة متدرجة. ولكن رؤساء الدين اليهود كانوا يفتشون عن تهمة يوجَّهونها للمسيح، فحاولوا أن يجعلوه يقول إن المسيح خاطئ، ولكنه هتف بما اختبره وقال: "كنتُ أعمى والآن أبصر". ولما ضغطوا عليه نطق بالحق الذي أذهلهم: "نعلم أن الله لا يسمع للخطاة. ولكن إن كان أحدُُ يتَّقي الله ويفعل مشيئته فلهذا يسمع. منذ الدهر لم يُسمع أن أحدًا فتح عيني مولود أعمى. لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئًا". فأخرجوا من المجمع لأنه أعلن أن المسيح "من الله" بعدها التقى المسيح به وسأله: "أتؤمن بابن الله؟" فقال: "أؤمن يا سيد". وسجد له، فإن للإيمان هدفًا أبعد هو الحياة كلها، وله رد فعل نهائي هو السجود والعبادة.
الإيمان باسم المسيح
"الله أعطاه اسمًا فوق كل اسم" (فيلبي2: 9-11) وهو اسم واضح في أسماء الله (مثل يهوه يرأه) "وليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُغطي بين الناس به ينبغي أن نخلُص" (أعمال4: 12) فهو رسم جوهر الله (عبرانيين1: 3) وعندما مؤمن باسم المسيح نؤمن بكل ما يحمله هذا الاسم المجيد من معاني.
ولقد أُعطي هذا الاسم العبري الشائع ليكون واحدًا منا ومعنا، فقد اتَّخذ طبيعة البشر وحمل اسم واحدٍ منهم، ومعنى الاسم "الله الخلاص". وقد حقق في اسم نبوَّة إشعياء62: 11 "قولوا لابنة صهيون: هوذا مخلِّصك آتٍ" فالمسيح هو المخلِّص.
وقد علَّم المسيح تلاميذه أن يصلّوا الصلاة الربانية (متى6: 6-15)، ولوقا11: 1-4 دون أن يختمها بالقول "باسم المسيح". لكنه نبَّر على ذلك في يوحنا14: 14و16: 23 ويطالبنا الوحي بأن نفعل كل شيء باسم الرب يسوع (كولوسي3: 17) فعندما نخدم الآخرين نخدمهم باسم المسيح ومن أجل خاطره، فهذا معنى "باسم المسيح". وهذا تعليم جديد قدَّمه المسيح لنا، فلم يحدث من قبل أن صلّى باسم المسيح.
إن الصلاة باسم المسيح تجعل تنفيذ الإرادة الإلهية ممكنًا، فهناك قوة في اسم المسيح، ولو أن تكرار هذا الاسم المجيد كأنه كلمة سحرية لا يجبر الله حاضرًا، ولكننا نصلي لأن الله حاضر.
صلاة الإيمان
الإيمان ممكن بغير صلاة، فنقرأ في أعمال الرسل أصحاح3 أن بطرس ويوحنا كانا ذاهبين للصلاة وشفيا أعرجًا دون أن يصليا لأجله. لكن لا فائدة في الصلاة بغير إيمان، فقد قال المسيح: "حينما تصلّون فآمنوا" (مرقس11: 24) وعندما نؤمن لا نتوقف عن الصلاة، لأن الإيمان يدفعنا لنصلي، وصلاة الإيمان تزيد إيماننا، وتجعلنا نستمر مؤمنين إلى أن تُستجاب، فنصلي بلا انقطاع (1تسالونيكي5: 17) وتقدم لنا رسالة(يعقوب5: 7،8و17،18) نموذجين للإيمان والصلاة بمثابرة، أحدهما إيليا الذي كان ينظر المطر واثقًا في هطوله، كما سبق وتنبأ عنه، وثانيهما أيوب الصابر لله بالرغم من آلامه، فلم يفقد ثقته بالله ولو لحظة واحدة. "فرحين في الرجاء. صابرين في الضيق. مواظبين على الصلاة" (رومية12: 12).
الإيمان والخوف
هناك نوعان من الخوف نجدهما في خروج20: 20 "لا تخافوا. لأن الله إنما جاء لكي يمتحنكم، ولكي تكون مخافته أمام وجوهكم حتى لا تخطئوا". فمخافة الرب صالحة لأنها تعني مهابة عظمته التي تدفعنا للتقوى التي تسيطر علينا فلا نخطئ. فإن لم نخش الله سنرتعب من كل شيء، لأننا دائمًا نخاف من الأقوى منَّا. وكلمة "خوف" في العهد الجديد (في اليونانية) هي عادةً "فوبيا" ويقول المسيح: "لا تخف. أمن فقط". وهناك كلمة يونانية أخرى مترجمة "خوف" هي "ديلوس" ومعناها "جُبن ورعدة" ولكن "الله لم يعطنا روح الفشل (الرعدة). بل روح القوة والمحبة والنصح" (2تيموثاوس1: 7) فالخوف والقلق والفشل يقتلوننا، أما الإيمان فيشفي "لا تخف. آمن فقط" (لوقا8: 50).
وليس الإيمان مجرد شعور لكنه ينصرنا ويحررنا من الرعب الذي يصيبنا بالشلل.
الإيمان والشيطان
منذ أن ثار الشيطان ليأخذ مجد الله هو يريد الاستيلاء على كل شيء (إشعياء14: 12-15) ويبدو أن البشر كانوا أسهل هدف، ولكن خطة الله اختارت "جُهَّال العالم ليُخزي الحكماء. واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء" (1كورنثوس1: 27) ولم يتوقف الشيطان عن محاولة تنفيذ خطته حتى يومنا، ومن هذه الخُطط مسائل السحر والتنجيم بكل مظاهرها. ولكن المؤمن يحمي نفسه بأن يلبس ترس الإيمان (أفسس6: 16) ويحاول الشيطان أن يسلب المؤمن هذا الترس، لأنه بدون الإيمان نتعرض للدمار والموت.
وهناك مؤمنون يبدو أن إحساسهم بوجود الشيطان أكبر من إحساسهم بوجود المسيح، لأن الشيطان يجذب انتباههم إلى مظاهر قوته. ولكن الإنجيل أكبر من مجرد إخراج الشياطين أو الشفاء، فإننا نتبع المسيح الذي كانت رسالته "ملكوت الله" وقد قال لنا: "لا تفرحوا بهذا: أن الأرواح تخضع لكم، بل افرحوا بالحري أن أسماءكم كُتبت في السماوات" (لوقا10: 20) وواضح أن السحر والتنجيم ليسا أصلاً لكل الشرور، لكن "محبة المال أصل لكل الشرور" (1تيموثاوس6: 10) ويريد الرسول بطرس صدى هذا بقوله: "قاوموه (إبليس) راسخين في الإيمان" (1بطرس5: 9) ونحن نهزم إبليس بترس الإيمان، فنلقي بأنفسنا على الله فلا يجد إبليس مكانًا فينا "وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم: إيماننا" (1يوحنا5: 4).
إلهي
الإيمان هو جواز الدخول إلى ملكوت الله بكل موارده، وهو ما لا تمنحه لنا أية منظمة. إن استسلام أعضاء الكنائس للأوامر الشخصية لأي قائد هو نوع من السحر الذي يؤدي إلى الموت، وقد قال المسيح مرتين: "لأن معلمكم واحد: المسيح" (متى23: 8-10) ومع هذا فإنه لم يتدخل أبدًا في قرارات تلاميذه العادية. وكلمة "تلميذ" تعني "طالب تعليم" أو "تابع" والمسيح يقول: "من ليس معي فهو عليَّ" (لوقا11: 23) ويتجاهل أصحاب السحر والتنجيم غيرهم، أما المسيح فيحتضن كل من يأتي إليه، ويدعوه باسمه "دعوتك باسمك. لقَّبتك" (إشعياء45: 4) ويحدثنا الكتاب المقدس عن معاملات الله مع الأفراد، وهو يختارنا ويقول: "ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم" (يوحنا15: 16) وعندما نسمع دعوته ونصدقها نبدأ في طاعتها، ولكل واحد منا علاقته الخاصة المتفرِّدة بالله والتي تختلف عن علاقة غيره بالله، ذلك لأن عظمة الله لا تظهر من تعامله مع كل الأفراد، وصلاح الله كجوهرة عظيمة لها ملايين الأوجه، ولهذا فإننا كلنا مجتمعين نُظهر روائع نعمة الله. إننا جميعًا عمله وبه وله، بطريقة خاصة حميمة، فيمكن أن تقول "الله إلهي" كما كان "إله إبراهيم". وهو إله كل شخص، فلا يوجد ما يدعو أن تكون بولس أو أغسطينوس، فلكل مؤمن طريقة بحسب خطة الله له.
حضور الله
"أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية، يقول الرب الكائن والذي كان والذي يأتي، القادر على كل شيء" (رؤيا1: 8) وفي القول "الذي يأتي" معنيان: أولهما أن المسيح آتٍ ثانيةً، وثانيهما أن الله يتحرك نحونا دائمًا ببركاته وقوته. ويوصف مجيئه إلينا بالكلمة اليونانية "باروسيا" أي "الحضور". إن الله لا يزورنا، لأنه دائمًا معنا، ونحن ماثلون في محضره دائمًا، وليس فقط ونحن نصلي، والمسيح يقول: "لا أهملك ولا أتركك" (عبرانيين13: 5).
وفي يوحنا14: 8 يقول المسيح: "إني آتي إليكم" في صيغة الفعل المضارع، وفي أية23 يقول إنه والآب والروح القدس يأتوننا "إن أحبني أحد.. إليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً". وهو إتيان دائم للعالم كله، فالله لا يأتي مرة ليقوم بعمل شيء، لكنه ينتظر استعدادنا ليُجري عمله فينا "أبي يعمل الآن، وأنا أعمل" (يوحنا5: 17).
فعالية القوة الإلهية
يشبه الإيمان الأسلاك التي توصِّل الكهرباء، لكنها ليست الكهرباء، فالإيمان يوصلنا إلى أبينا السماوي، مصدر القوة. ويبحث الناس عن القوة في نظريات وطرق مختلفة، بل إن بعض المؤمنين يطلبون القوة من مصادر مشكوك فيها، كالصلوات الزائدة الطول، والآثار المقدسة. ولكن تلاميذ المسيح لا يجدون القوة في عالم الطقوس السرية والأمور الأرضية، فإن موت المسيح وقيامته دبَّرا لنا القوة الإلهية التي نحتاجها. والإيمان البسيط للشخص العادي هو الذي يلمس المسيح الذي قال: "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يوحنا14: 6) إنه الوسيط الوحيد بين الله والناس (1تيموثاوس2: 5) وقد دفع حساب هذا كله عندما قال "قد أُكمِل" (يوحنا19: 30).
يحدثنا الوحي في عبرانيين9: 14 عن "الأعمال الميتة" وهي الأعمال الصالحة التي لا تنبع من الإيمان، ويقدم لنا الجانب الآخر من الصورة، في القول: "الإيمان بدون أعمال ميت" (يعقوب2: 26) فإن لم تكن في موضع الاتكال على الله يكون إيمانك بلا معنى، فإن العمال لا تصبح فعالة إلا بالإيمان.
"لذلك نحن أيضًا إذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا، لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة، ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا، ناظرين إلى رئيس الإيمان ومُكمله: يسوع" (عبرانيين12: 1،2).







ماذا أنت فاعل الآن؟
إن شعرت أثناء قراءتك لهذا الكتاب أن روح الرب يتحدث إلى قلبك، فتأكد أنه يدعوك إلى علاقة شركة أعمق معه. قال الرب يسوع في يوحنا6: 37 "من يُقبل إليَّ لا أخرجه خارجًا" وهذه الآية تنطبق عليك أينما كنت ومهما كنت. تأكد أن الرب سوف يسمع صوتك ويخلصك في الحال إن صليت الكلمات التالية من أعماق قلبك.
أيها الآب السماوي
آتِ إليك باسم يسوع المسيح
آتِ إليك بكل خطاياي وأثقالي وعاداتي السيئة
اغسلني الآن بدم يسوع الكريم المسفوك لأجلي على الصليب
كَسَّر كل قيود الخطية والشر في حياتي وفي عائلتي
كرسني لك للأبد بدمك الكريم
أريد أن أكون ملكًا لك نفسًا وروحًا وجسدًا
الآن على الأرض وفي الأبدية أيضًا
ها أنا أضع ثقتي فيك وحدك أيها الرب يسوع المسيح
أنت هو ابن الله الحي
أؤمن في قلبي بما يعترف به لساني
أنت مخلصي، ربي وإلهي
الآن نلت الميلاد الثاني وأصبحت ابنًا لله
أؤمن بهذا وأقبله باسم يسوع المسيح… آمين.

حول شفرة دافنشي وانجيل يهوذا

حول شفرة دافنشي وانجيل يهوذا


تثار في هذه الايام جدلا كبيرا جدا في الاوساط العالمية وخصوصا الاوساط المسيحية بخصوص امران هامان وهما رواية شفرة دافنشي وانجيل يهوذا
الاولي هي رواية كود دافنشي والذي لاقت نجاحا كبيرا جدا وانتشارا واسعا وقد قرء الرواية ما يزيد عن 40مليون قارئ حول العالم مما دفع بعض منتجي السينما لتحويل الرواية الي عمل سينمائي بطولة النجم الامريكي توم هانكس والمقرر عرض هذا الفيلم خلال الشهر الحالي في مهرجان كان السينمائي الدولي
والرواية باختصار هي رواية أدبية للروائي الأمريكي دان براون بعنوان؛ " شفرة دافنشي "، نشرها سنة 2003م، يقول فيها؛ " أنه خلال القرون الأولى للمسيحية لم يكن هناك اعتقاد بألوهية المسيح، ولكن كانت النظرة له أنه نبي عظيم وقائد فذ وبشر فان، وأن قرار ألوهيته أتخذ على يد البشر في القرون اللاحقة أثناء تأسيس الكنيسة نفسها بشكلها الذي عرفه العالم، وبما أن المسيح كان إنساناً عادياً في المقام الأول فقد أحب وتزوج مريم المجدلية، وهي نفس السيدة التي وصمتها الكنيسة في مراحل متأخرة أيضا بأنها " زانية "!! وزعم براون على لسان بطل روايته أن المسيح أنجب من مريم المجدلية ذرية ذات دم مقدس: " أن أكبر سر في تاريخ الإنسانية جمعاء, لم يكن المسيح متزوجاً فحسب, بل كان أباً أيضاً 000 كانت مريم المجدلية الوعاء المقدس 000 كانت الكأس الذي حمل سلالة يسوع المسيح الملكية, والرحم الذي حمل ورثة المسيحية, والكرمة التي أنتجت الثمرة المقدسة! "
ويعتمد دان بروان في روايته علي بعض لوحة العشاء الاخير الشهيرة للفنان الشهير دافنشي حيث يقول ان من رسم بجوار السيد المسيح هي مريم المجدلية وليس يوحنا الحبيب تلميذ السيد المسيح ويفسر ويشرح معتمدا علي هذه الوحة وغيرها من امور يحاول ليحاول اثبات صحة ما يدعيه كذلك الي بعض الكتابات المزيفة والتي كتبت في العصر الاول للمسيحية من بعض الهراطقة والمبتدعين
والرواية في النهاية ما هي الا اساطير وتخاريف ليس لها اي دليل من الصحة سواء في التاريخ او الكتب المقدسة او التقليلد وتفنيد مزاعم هذه الرواية ليس بالصعوبة فقليل من البحث والدراسة يثبت كذب وزيف كل ما يدعيه هذا الكاتب خاصة لو علمنا ان مثل هذه المواضيع قد اثارت كثيرا في الغرب وهذه ليست المره الاولي التي تألف رواية او يتم عمل فيلم يسئ الي السيد المسيح فقد تم تأليف رواية الكأس المقدسة سنة 1982 وقد لاقت نجاحا ايضا وتقريبا تتشابه الي حد كبير برواية دان بروان بل ان اصحاب هذه الرواية قد رفعوا قضية علي دان يتهمونه انه قد سرق افكارهم من هذه الرواية واعتمد عليها كذلك تم تصوير افلام مثل فيلم الاغراء الاخير و او الخروج من مصر . اذن هذه ليست المره الاولي التي يتم فيه اعمال تسئ الي السيد المسيح او تنفي الوهيته ,
وبالطبع يثير الفيلم الكثير جدا من الجدل القائم حول عرض الفيلم فالفاتيكان والكثير من الاساط الدينية حول العالم تتهم الفيلم بالاساءه الي السيد المسيح ونفي العقائد المسيحية وتطالب بمنع عرضه وبالطبع منع مجلس الكنيسة في كوريا عرض الفيلم وتوجد مصادر تقول ان الكنيسة في مصر ترفض عرض الفيلم في مصر حيث انه يسئ الي السيد المسيح اساءه بالغة ويهدم الكثير من العقائد المسيحية ,
وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي يدمنها العرب نقول ان هذا الفيلم والرواية وراؤه ايدي خفية وبالطبع من يهود امريكا والذي لهم نفوذ قوي في المجتمع الامريكي والذي يهمهم جدا هدم ايمان المسيحيين بالوهية المسيح وانه ليس الا مجرد انسان وليس اله كما يؤمن المسيحين حول العالم ونري انه من خلال الترويج لهذه الرواية والفيلم ومدي انتشاره بقوة يؤكد لنا هذا وعندما نري مثل هذا الفيلم يتم عرضه في افتتاحية مهرجان كان السيمائي العالمي في الوقت الذي من عامان فقط لم يتمكن الفنان ميل جيبسون من تصوير فيلمه الام المسيح في امريكا ولم يجد من ينتج الفيلم وقد حاربته جهات كثيرة في محاولة لمنع تصوير وعرض هذا الفيلم تضح لنا كثير من الحقائق حول الجهات صاحبت الاتجاه القوي والمؤثر في هذا المجتمع,
اما في بلدنا مصر فقد راح هتيفة الجرائد الصفراء والحمراء والسوداء يهللون للرواية والفيلم ويتنبئون بان هذا الفيلم هو نهاية المسيحية وبداية سقوطها ( وتكرر هذا الامر ايضا مع انجيل يهوذا ) خاصة وان هذا الفيلم يخدم الفكر السائد في مثل مجتماعتنا بنفي الوهية السيد المسيح وانه كان مجرد انسان عادي فها هي رواية وفيلم تأتي لهم لتؤكد لهم ما يؤمنون به لذلك راينا الكثير من الصحف تتناول هذا الموضوع بصورة جارحة وغير محايده بل وراح الكثير يألف ويزايد عن موضوع الرواية وهذه شيمة الاعلام المصري والعربي,
ولكن هل هذه الرواية او الفيلم او اكتشاف انجيل مزور منحول يؤثر فعلا في المسيحية او كما تقول مجلة رزاليوسف عن هذا الموضوع ما يلي
الصحافة العالمية التى رأى بعض كتابها أن الألفية الثالثة ربما لن تنتهى قبل أن يشهد العالم تصدع العقيدة المسيحية نفسها.
فهل مجرد رواية او فيلم او اي شئ ممكن ان يجعل المسيحية تتصدع,
بالطبع يصبح هذا الكلام صحيح لو كانت الديانة المسيحية هي ديانة من الارض وليست من السماء فنحن نري الان ان بعض الاديان تتصدع بل تتهاوي عن تم الكشف عن بعض ما كان مخفي فيها لقرون طويلة ولكن هل من الممكن ان يحدث هذا في المسيحية,
ان من يقول هذا يجهل تاريخ المسيحية ولم يقراءه ابدا فالمسيحية منذ بدايتها وهي تواجه اشد المحاربات والشدائد من اضطهادات الي اتهامات وافترءات الي بدع وهرطقات علي مدار الفي عام وهي تواجه ومازالت تواجه ونراها صامده مثل الصخرة التي تواجه امواج البحر فتنكسر الامواج وترجع وتبقي الصخرة ثابتة قوية,
ان ما نراه الان من افكار او بدع وهرطقات سواء مؤلفة في روايات او افلام او اكتشافات مثل اكتشاف انجيل يهوذا والذي يتحدث عن ان يهوذا ليس خائن وان المسيح هو من طلب منه ان يسلمه لاتمام عملية الفداء والصلب.,
ان هذه الافكار والبدع ما هي الا عودة لفكر انتشار في بداية انتشار المسيحية وهو الفكر الغنوسي او محبة المعرفة وهو فكر كان خليط من الفلسفة الوثنية والمسيحية وقد حاربت الكنيسة كثير هذا الفكر وما يحمله من بدع وهرطقات وقد خلف هؤلاء الهراطقة الكثير من الاناجيل المزيفة والتي تسمي بالابوكريفا اوالمنحولة وهذه الاناجيل المزيفة كثيرة جدا ومنها انجيل بطرس او انجيل المصريين او انجيل توما وانجيل المجلدية وانجيل فيلبس وغيرها من الاناجيل والاسفار المزيفة والتي كتبها الهراطقة لاثبات بعض افكارهم وقد اختفت هذه الكتب بمرور الوقت وما يحدث الان هو بحث بعض الباحثين في مثل هذه الكتب ليخرج علينا بافكارها معتقدا ان اكتشف الذره واكتشف سر هدم المسيحية مثلما حدث في انجيل يهوذا فهؤلاء يحلمون فالمسيحية بقت وستبقي ولم تؤثر فيها مثل هذه الامور والتي اعتادت عليها المسيحية منذ نشاتها.
ولكن من جهة اخري يجب علي الكنيسة ان تزيد وعي ابنائها وان تجعلهم محصنين ضد اي فكر يحارب ايماننا القويم كذلك علي كل مسيحي ان يقراء ويعرف ويفهم عقيدته وديانته وتاريخ كنيستها ليكون مستعد دائما علي الرد علي اي فكر ,
فمحاربة الفكر تأتي بالفكر فاسلوب المنع لم يصبح اسلوب مناسب لهذا العصر خاصة في ظل وجود اعلام مفتوح او وجود شبكة الانتر نت اذن الاسلوب الاجدي هو محاربة الفكر بفكر مثلة ونحاول اثبات كذب وزيف مثل هذه الادعاءات كما فعلت الكنيسة طوال تاريخها,
وبالطبع قد قام بعض الدارسين سواء في الخارج او مصر بالرد علي مثل هذه الافتراءت في الكثير من كتبهم وفي مصر مثلا قام القس عبد المسيح بسيط بكتابة كتابين يرد فيهم علي شفرة دافنشي وانجيل يهوذا و الكتابان موجودان علي شبكة الانتر نت ايضا وهناك الكثير من الندوات والعظات والكتب التي ترد علي هذا الفكر ,
فهناك اذن جانب ايجابي من هذه الافكار الغريبة وهو جانب البحث والمعرفة والقراءه في المواضيع الدينية وعن شخصية السيد المسيح وهذا الامر يتم حول العالم كله اذن الرب يستخدم كل شئ للخير كما يخبرنا الكتاب المقدس
وربما هذه الامور تحدث ليعرف العالم كله من هو المسيح الحقيقي الاله المتجسد الذي جاء لخلاص البشر
والرب هو القادر ان يحافظ علي كنيسته وهو القائل
ابواب الجحيم لن تقوي عليها

2007-08-24

رسالة من الله الحي


رسالة من الله الحي



كانت إحدى السيدات توزِّع نبذاً على المسافرين في احدى البواخر فأعطت النبذة الى شخص بين من اعطتهم وبعد وصولها الى المؤخرة لاحظت أثناء عودتها ان الشخص قد مزَّق النبذة الى قصاصات ورمى بها الى البحر فتألمت كثيراً ولكنها لم تقل له إلا هذه الكلمات البسيطة " ستُعطي حساباً عن هذا".
على أن الرجل لم يفكر في هذا الأمر فقد طرح النبذة في الماء ونسي كل ما يتعلَّق بها . ولكن الله الحي لم ينسى النبذة ولا نسي من مزَّقها فقد سمح بعنايته ان ترد الريح قصاصة صغيرة منها الى حضن ذلك الرجل دون ان يشعر بها . وفي تلك الليلة حين خلع ثيابه ليأوي الى فراشه سقطت تلك القصاصة من بين ملابسه ، فالتقطها وكانت صغيرة جداً ولكنها كانت كافية لأن تسع كلمتين على أعظم جانب من الأهمية والخطورة وهما : " الله والأبدية" ومع هاتين الكلمتين عادت الى ذاكرة الرجل العبارة التي قالتها له السيدة "ستُعطي حساباً على هذا".
والآن استعرضت أمام ذهن ذلك الشخص ثلاث حقائق خطيرة : (الله) - (الأبدية) - (الدينونة) - يا لها من كلمات مرعبة للنفس ! ذهب للنوم لكن لم يأتيه النعاس في تلك الليلة بطولها فبات يتقلَّب في فراشه الى الصباح ، والكلمات " الله ، والأبدية ، وستُعطي حساباً عن هذا" يرن صداها في أذنيه لتصل إلى أعماق قلبه .
قام من الفراش وقصد ان يُغرق مشغوليته وانزعاجه في كأس من الخمر ولكنه لم يستطع ، لأنه بعد ان أفاق من السكر شعر بشدَّة تلك الكلمات : الله ، الأبدية ، الدينونة ، .
ما أعجب طرق الله ! ومن يجرؤ على الشك في ان يد الله كانت تُحرّك الريح التي حملت تلك القصاصة الصغيرة الى حضن الرجل ؟ فما أمجد اسم الرب ! انه يعرف كيف يصل الى النفس . ومتى ابتدأ بالعمل لا تستطيع أي قوة ان تقف في سبيله او ان تحوِّل الرسالة الذي تصوِّبها نعمته الى القلب لتخطئ مرماها. قد ظنَّ الرجل ان يتخلَّص من النبذة ولكن الله صمَّم على ان يُرسل الى حضنه الجزء الذي فيه الرسالة المقصود توصيلها له .
بعد ذلك حاول الرجل ان يتخلَّص من العوامل التي خالجت نفسه ولكن شقاءه واضطرابه زدا ولم يكن هناك من علاج لجرحه إلا بلسان الإنجيل الشافي وفضائل دم المسيح الذي يُطهّر من كل خطية . سمع صوت الإنجيل فهدأت ثائرة نفسه المضطربة اذ وجدت راحتها في عمل المسيح الذي أكمل على الصليب .
والآن أيها القارئ ألم تشعر قط بخطورة هذه الكلمات : (الله) - (الأبدية) - (الدينونة) ؟
نرجوك أن تتذكر انه لا بد لك من ملاقات الله ان عاجلاً او آجلاً ولا بد ايضاً من وقوفك أمام كرسي المسيح فتفكِّر في هذا . وتأمل في هول الموقف عندما تلاقي الله وأنت بدون مسيح عندما تقف بكل خطاياك أمام العرش العظيم الأبيض حيث يُدان كل انسان بحسب أعماله ويُرسَل الى لهب جنهم المرعبة ليبقى هناك الى الأبد ويا للهول !
الأبدية : يا لها من كلمة واسعة . أيها القارئ العزيز هل انت مستعد لها ؟ ان لم تكن مستعداً فلماذا ؟ لماذا تتوانى لحظة واحدة بعد الآن ؟ لماذا لا تهرب - الآن - الآن حالاً - الى ذراعي الله المُخلِّص فهو مستعد ان يرحب بك في أحضانه ؟ نتوسَّل اليك ان تأتي ، تعال الى الرب يسوع المسيح كما انت . ولا تستخفّ بنفسك الغالية . لا تسمح للشيطان بعد الآن ان يضع غشاوة على عينيك ويخدع قلبك . لا تسمح بعد الآن لملذّات الخطية وجاذبيات العالم أن تؤخرك ، أهرب من الغضب الآتي . الوقت قصير . ويوم الخلاص سينتهي قريباً . وسنة الرب المقبولة ستفلت منك سريعاً . وباب النعمة سيقفل قريباً ولا يفتح لك الى الأبد . يا ليتك تقبل هذه الرسالة كرسالة شخصية لك من الله الحي . اليوم ان سمعتم صوته فلا تُقسُّوا قلوبكم (عب 4: 7 ) .
الآن يوم خلاص . الآن وقت مقبول (2كو 6: 2) .

الشهيد العظيم مارجرجس الرومانى أمير الشهداء


وُلدَ هذا القديس في مدينة اللد بفلسطين سنة 280، من اسرة مسيحيّة شريفة. توفي والده فربّته امّه التقيّة تربية مسيحيّة صحيحة. ولما بلغ السابعة عشرة دخل في سلك الجنديّة وترقّى الى رتبة قائد الف.
قال المؤرّخ اوسابيوس في استشهاده: لمّا شدّد ديوكلتيانس قيصر في اضطهاد المسيحيّين وأصدر بذلك امراً علّقه على جدار البلاط الملكي في نيكوميدية، تقدّم جورجيوس ومزّق ذلك الأمر. فقبض عليه الوثنيون فشووه اولا، ثم البسوه خفا من حديد مسمراً بقدميه وسحبوه وراء خيل غير مروّضة،
قال المؤرّخ اوسابيوس في استشهاده: لمّا شدّد ديوكلتيانس قيصر في اضطهاد المسيحيّين وأصدر بذلك امراً علّقه على جدار البلاط الملكي في نيكوميدية، تقدّم جورجيوس ومزّق ذلك الأمر. فقبض عليه الوثنيون فشووه اولا، ثم البسوه خفا من حديد مسمراً بقدميه وسحبوه وراء خيل غير مروّضة، فخلّصه الله من ذلك كلّه، ثم طرحوه في أتون مضطرم فلم يؤذه، ولما رأى الملك ديوكلتانوس هذا الشهيد غائصاً في بحر الدماء لا يئن ولا يتأوّه اكبر شجاعته. وعزّ عليه أن يخسر قائد حرسه وابن صديقه القديم. فأخذ يلاطفه ويتملّقه لكي يثنيه عن عزمه، فأحبّ جورجيوس أن يُبدي عن شعوره بعطف الملك. فتظاهر بالاقتناع وطلب له أن يُسمح له بالذهاب الى معبد الاوثان. فأدخلوه معبد الاله "ابلون" باحتفال مهيب حضرة الملك ومجلس الأعيان والكهنه بحللهم الذهبية وجمع غفير من الشعب. فتقدّم جورجيوس الى تمثال ابلون ورسم اشارة الصليب. وقال للصنم: أتريد أن اقدّم لك الذبائح كأنك إله السماء والأرض؟ "فأجابه الصنم بصوت جهير، كلا أنا لست الها بل الإله هو الذي انتَ تعبده". وفي الحال سقط ذلك الصنم على الأرض وسقطت معه سائر الأصنام. وعندها صرخ الكهنة والشعب: أن جورجيوس بفعل السحر حطّم آلهتنا. فالموت لهذا الساحر. فصلبوه ورموه بالنشاب حتى اسلم الروح. فطارت شهرة استشهاده في الآفاق شرقاً وغرباً. وأجرى الله على يده عجائب كثيرة باهرة. وأخذ المسيحيّون منذ القرن الرابع يحجّون الى ضريح الشهيد "اللابس الظفر"، فينالون بشفاعته غزير البركات والنعم. وقد رسم له المصوّرون صورة رمزيّة جميلة تمثّله طاعنا برمحه شيطان الوثنيّة الممثل بالتنين، ومدافعاً عن معتقد الكنيسة الممثلة بابنة الملك السماوي. وقد شيدت على اسمه كنائس ومذابح في جميع الأقطار. واتخذته بريطانيا شفيعاً لها. ودعيَ كثير من ملوكها باسمه. ويكرمه الانكليز اكراماً عظيما. وامتازت فرنسا ايضاً بتكريمه. واتخذته جمهورية جنوا في ايطاليا شفيعها الاول والاكبر. وجمهورية البندقية انشأت فرقة رهبانية عسكرية على اسمه. صلاته معنا . آمين

لا تقل أبانا الذي


لا تقل أبانا الذي
لا تقل أبانا : وأنت تتصرف كعبد وليس كإبن
لا تقل الذي في السماوات : وأنت تحصر فكرك وأعمالك بالأرضيات
لا تقل ليتقدس اسمك : وأنت تتصرف بما لا يليق بالاسم الذي يدعى عليك "مسيحي"
لاتقل ليأتي ملكوتك : وأنت متعلق بمملكتك الأرضية
لاتقل لتكن مشيئتك : وأنت تلهث وراء شهواتك ورغباتك
لا تقل اعطنا خبزنا : وأنت تمسك يديك ولا تعطي مما أعطاك
لا تقل اغفر لنا : بينما تترك المرارة والحقد تكبل قلبك وتمنعك من المغفرة
لا تقل ولا تدخلنا في تجربة : بينما تضع نفسك داخل التجربة عن سابق إصرار وتصميم
لا تقل لكن نجنا من الشرير : وأنت ترخي سمعك لما يوسوس به لك الشرير
لا تقل آمين : وأنت غير أمين

2007-08-23

تأملات فى سفر يونان النبى

مقـــدمة
إن سفر يونان النبى مملوء بالتأملات الروحية الجميلة ، نعرض لهذا السفر من الناحية الروحية البحتة وليس من جهة الجدل اللاهوتى .
سبيلنا هو الأستفادة وليس النقاش
. نريد أن نأخذ من هذا السفر الجميل دروسا نافعة لحياتنا . نستفيد من عمل الله ، ومن فضائل الناس ، ومن أخطائهم .
وما أجمل ما فعلته الكنيسة إذ اختارت هذا السفر ليكون مقدمة للصوم الكبير ، يسبقه بأسبوعين ، بقصة جميلة للتوبة ، وللصوم حتى نستقبل أيام الأربعين المقدسة بقلب نقى ملتصق بالرب .
والعجيب أن كثيرين من الذين يدرسون سفر يونان ، يركزون على أهل نينوى وصومهم وينسون ركاب السفينة ، وينسون يونان النبى ومشكلته
. فماذا كانت مشكلة يونان ؟
مشكلة يونـــان أن الله فى سفر يونان النبى ، يريد أن يعرفنا حقيقة هامة هى أن الأنبياء ليسوا من طبيعة أخرى غير طبيعتنا ، بل هم أشخاص " تحت الآلام مثلنا " يع 5 : 17 .
لهم ضعفاتهم ولهم نقائهم وعيوبهم ، ومن الممكن أن يسقطوا كما نسقط . كل ما فى الأمر أن نعمة الله عملت فيهم ، وأعطتهم قوة ليست هى قوتهم وإنما هى قوة الروح القدس العامل فى ضعفهم ، لكى يكون فضل القوة لله وليس لنا كما يقول الرسول ( 2 كو 4 : 7 )
وقد كان يونان النبى من " ضعفاء العالم " الذين اختارهم الرب ليخزى بهم الأقوياء ( 1 كو 1 : 27 ) . كانت له عيوبه ، وكانت له فضائله . وقد اختاره الرب على الرغم من عيوبه ، وعمل به ، وعمل فيه ، وعمل معه وأقامه نبيا قديسا عظيما لا نستحق التراب الذى يدوسه بقدميه . لكى يرينا بهذا أيضا أنه يمكن أن يعمل معنا ويستخدم ضعفنا ، كما عمل مع يونان من قبل ..
+ سقطات فى هروب يونان :
سنرى بعضا من ضعف يونان فى موقفه من دعوة الرب ، يقول الكتاب : " وصار قول الرب إلى يونان بن أمتاى قائلا : قم أذهب إلى نينوى المدينة العظيمة ، وناد عليها ، لأنه قد صعد شرهم أمامى . فقام يونان ليخرج إلى ترشيش من وجه الرب . فنزل إلى يافا ، فوجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش ، فدفع أجرتها ، ونزل فيها ليذهب معهم إلى ترشيش من وجه الرب "
وهنا نرى يونان النبى وقد سقط فى عدة أخطاء ،
وكانت السقطة الأولى له هى المخالفة والعصيان .
+ لم يستطع أن يطيع الرب فى هذا الأمر ، وهو النبى الذى ليس له عمل سوى أن يدعو الناس إلى طاعة الرب . عندما نقع فى المخالفة ، يجدر بنا أن نشفق على المخالفين . واضعين أمامنا قول الرسول : " اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون أيضا مثلهم ... " ( عب 13 : 3 ) .
+ على أن سقطة المخالفة التى وقع فيها يونان ، كانت تخفى وراءها سقطة أخرى أصعب وأشد هى الكبرياء ممثلة فى الأعتزاز بكلمته ، وترفعه عن أن يقول كلمة وتسقط إلى الأرض ولا تنفذ ...
كان اعتزازه بكلمته هو السبب الذى دفعه إلى العصيان ، وحقا أن خطية يمكن أن تقود إلى خطية أخرى ، فى سلسلة متلاحمة الحلقات .
كان يونان يعلم أن الله رحيم ورؤوف ، وأنه لا بد سيعفو عن هذه المدينة إذا تابت . وهنا سبب المشكلة !
وماذا يضيرك يا يونان فى أن يكون الله رحيما ويعفو ؟
يضيرنى الشىء الكثير : سأقول للناس كلمة ، وكلمتى ستنزل إلى الأرض
+ إلى هذا الحد كان يونان متمركزا حول ذاته ! لم يستطع أن ينكر ذاته فى سبيل خلاص الناس
. كانت هيبته وكرامته وكلمته ، أهم عنده من خلاص مدينة بأكملها ..! كان لا مانع عنده من أن يشتغل مع الرب ، على شرط أن يحافظ له الرب على كرامته وعلى هيبة كلمته
.. من أجل هذا هرب من وجه الرب ، ولم يقبل القيام بتلك المهمة التى تهز كبرياءه ...
وكان صريحا مع الرب فى كشف داخليته له إذ قال له فيما بعد عندما عاتبه : " آه يا رب ، أليس هذه كلامى إذ كنت بعد فى أرضى ، لذلك بادرت إلى الهرب إلى ترشيش ، لأنى علمت أنك إله رؤوف ورحيم بطىء الغضب وكثير الرحمة ونادم على الشر " ( 4 : 2 ) .
+ وكان هرب يونان من وجه الرب يحمل فى ثناياه خطية أخرى هى الجهل وعدم الإيمان هذا الذى يهرب من الرب ، إلى أين يهرب ، والرب موجود فى كل مكان ؟!
صدق داود النبى حينما قال للرب : " أين أذهب من روحك ؟ ومن وجهك أين أهرب ؟ ... ( مز 139 : 7 – 10 ) . أما يونان فكان مثل جده آدم الذى ظن أن يختفى من وجه الرب وراء الشجر ... حقا إن الخطية تطفىء فى الإنسان نور المعرفة ، وتنسيه حتى البديهيات !
وجد يونان فى يافا سفينة ذاهبة إلى ترشيش ، فدفع أجرتها ، ونزل فيها .. والعجيب أن الخطيئة كلفته مالا وجهدا . دفع أجرة للسفينة ليكمل خطيته .. أما النعمة فننالها مجانا ..
عندما دفع يونان أجرة السفينة خسر خسارة مزدوجة : خسر ماله ، وخسر أيضا طاعته ونقاوته ..
العجيب أن الله استخدم عصيان يونان للخير
. حقا إن الله يمكنه أن يستخدم كل شىء لمجد اسمه .. اللــه يستخدم الكل
لقد عصى يونان أمر الرب ، وهرب راكبا السفينة ، ولكن الله الذى " يخرج من ىلآكل أكلا ومن الجافى حلاوة " ( قض 14 : 14 ) ، الله الذى يستطيع أن يحول الشر إلى خير استطاع أيضا أن يستفيد من عصيان يونان ... إن كان بسبب طاعة يونان سيخلص أهل نينوى ، فإنه بعصيان يونان يمكن أن يخلص أهل السفينة !!
وكأن الله يقول له : هل تظن يا يونان أنك قد هربت منى ؟ كلا . أنا سأرسلك إلى ركاب السفينة ، ليس كنبى ، ولا كمبشر ، ولا كصوت صارخ يدعو الناس إلى التوبة ، وإنما كمذنب وخاطىء وسبب إشكال وتعب للآخرين ، وبهذه الصورة سأخلصهم بواسطتك .
هل ركبت البحر فى هروبك يا يونان ؟ إذن فقد دخلت فى دائرة مشيئتى أيضا . لأننى أملك البحر كما أملك البر ، كلاهما من صنع يدى . وأمواج البحر ومياهه وحيتانه تطيعنى أكثر منك كما سترى .
طاعة غير العاقلين
لقد أخجل الرب يونان النبى بطاعة أهل نينوى ، وببر أهل السفينة وإيمانهم ، وأيضا بطاعة الجمادات والمخلوقات غير العاقلة . ومن الجميل أننا نرى كل هؤلاء فى ارساليات إلهية وفى مهمات رسمية أدوها على أكمل وجه وأفضله . فما هى هذه الكائنات غير العاقلة التى كانت عناصر نافعة فى إتمام المشيئة الإلهية ؟
+ " فأرسل الرب ريحا شديدة إلى البحر ، فحدث نوء عظيم فى البحر حتى كادت السفينة تنكسر " ( 1 : 4 ) . لقد أدت الريح واجبها ، وكانت رسولا من الرب ، قادت الناس إلى الصلاة ، فصرخ كل واحد إلى إلهه .
+ وكما أدت هذه الريح الشديدة مهمتها فى أول القصة كذلك أدت مهمة أخرى فى آخر القصة ، إذ يقول الكتاب : " وحدث عند طلوع الشمس أن الله أعد ريحا شرقية حارة ، فضربت الشمس على رأس يونان فذبل فطلب لنفسه الموت .. " ( 4 : 8 ) .
+ وكما استخدم الله الريح ، استخدم الحوت أيضا لتنفيذ مشيئته : وفى ذلك يقول الكتاب أول :ا " وأما الرب فأعد حوتا عظيما ليبتلع يونان ، فكان يونان فى جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال " ( 1 : 17 ) .
ثم يعود فيقول " وأمر الرب الحوت ، فقذف يونان إلى البر " ( 2 : 10 ) . وهكذا كان الحوت ينفذ أوامر إلهية تصدر إليه ، وينفذها بدقة وحرص حسب مشيئة الرب .
+ وكما استخدم الله الريح والحوت ، استخدم الشمس والدودة واليقطينة .
ويقول الكتاب : " فأعد الرب الإله يقطينة فارتفعت فوق يونان ... " ( 4 : 6 ) .
ويقول : " ثم أعد الله دودة عند طلوع الفجر فى الغد ، فضربت اليقطينة فيبست " ( 4 : 7 )
وأيضا : " الله أعد ريحا شرقية حارة فضربت الشمس على رأس يونان " ( 4 : 8 ) .
فى سفر يونان كانت كل هذه الكائنات مطيعة للرب ، الوحيد الذى لم يكن مطيعا هو الإنسان العاقل ، يونان ..... الذى منحه الله حرية ارادة يمكنه بها أن يخالفه ! .
هكذا الإنسان ، أما باقى الكائنات فلا تعرف غير الطاعة . على أنه لم يكن كل إنسان غير مطيع فى سفر يونان ، بل كل الناس أطاعوا ، ما عدا يونان ؛ النبــى !! على أن يونان لم يهرب من المهمة اشفاقا على نينوى ، من الهلاك ، بل على العكس هرب خوفا من أن تبقى المدينة ولا تهلك ...
لم يتشفع فيها كإبراهيم عندما تشفع فى سدوم . بل أنه حزن واغتاظ واغتم غما شديدا ، ورأى أن الموت هو أفضل لنفسه من الحياة ، كل ذلك لأن الله لم يتمم انذاره ويهلك المدينة
أراد الله للبحر أن يهيج فهاج ، وأراد له أن يهدأ بعد القاء يونان فيه فهدأ ... ما أعجب الطبيعة المطيعة التى لا تعصى لله أمرا ، كالإنسان .
+ وكما أمر الحوت الضخم الكبير لكى ينفذ جزءا من الخطة الإلهية ، كذلك أمر الدودة البسيطة أمرها أن تضرب اليقطينة فيبست ... مأ أعجب هذا أن نرى حتى الدودة تكون جزءا من العمل الإلهى المقدس الكامل ... حقا ما أجمل قول الكتاب : " انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار " متى 18 : 10 .
ليتنا نأخذ درسا من كل هؤلاء وندرك نحن أيضا عمق عبارة " لتكن مشيئتك " فى حياتنا وحياة الناس . هذه العبارة التى فشل يونان فى ممارستها ، ولم يستطع أن يصل إليها إلا بعد تجارب كثيرة وصراع مع الله ، وعقوبات ، واقناعات ... أخيرا استطاع الله أن يقنعه بخيرية المشيئة الإلهية ، مهما كانت مخالفة لمشيئته الذاتية .
+ + +
بحارة أمميــــون كانوا أفضل من النبى
ما أعجب أهل هذه السفينة التى ركبها يونان .. حقا كانوا أممين ، ومع ذلك كانت لهم فضائل عجيبة فاقوا بها النبى العظيم . وفيهم تحقق قول الرب " ولى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ، ينبغى أن آتى بتلك أيضا فتسمع صوتى . وتكون رعية واحدة وراع واحد " ( يو 10 : 16 ) .
يذكرنى أهل هذه السفينة بكرنيليوس قائد المائة ، الذى كان فى مظهره رجلا أمميا بعيدا عن رعوية الله ، ولكنه كان فى حقيقته رجلا تقيا خائفا الله هو وجميع بيته .
لعله تدبير الهي أن ينزل يونان فى هذه السفينة بالذات ، من أجله ومن أجل هذه السفينة .. لم يشأ الله أن يمضى إلى كورة بعيدة .
فضائل أهل السفينة
+ أول صفة جميلة فى بحارة هذه السفينة أنهم كانوا رجال صلاة .
يقول الكتاب : " فخاف الملاحون ، وصرخوا كل واحد إلى إلهه ، وطرحوا الأمتعة التى فى السفينة إلى البحر ليخففوا عنهم " ( 1 : 5 ) .
نلاحظ هنا أنهم لجأوا إلى الله قبل تنفيذهم ما تتطلبه الحكمة البشرية لإنقاذ الموقف
. صلوا أولا ثم ألقوا الأمتعة ليخففوا عن السفينة ,.... كان كل بحارة السفينة وركابها يصلون ، والوحيد الذى لم يكن يصلى فى ذلك الوقت هو نبى الله يونان !!
وحتى بعد أن أيقظوه ، لم يقل الكتاب أنه قام وصلى !
إنه موقف مخجل حقا .. عجيب حقا هو الرب إذ يبكت أحد أنبيائه برجل أممى
: " مالك نائما " .. ما هذا الكسل والتراخى واللامبالاه ؟! ألا تقوم وتصلى كباقى الناس ؟ " قم أصرخ إلى إلهك ، عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك " ... كيف خالف الله ، وكسر وصيته وهرب منه ، واستطاع أن ينام نوما ثقيلا ؟! لا بد أن ضميره كان قد نام أيضا ، نوما ثقيلا ، مثله ...
+ صفة جميلة ثانية نجدها فى أهل السفينة أنهم كانوا يبحثون عن الله .
لم يقولوا ليونان فى تعصب لديانتهم " قم اصرخ إلى إلهنا " . وإنما قالوا له " قم أصرخ إلى إلهك ، عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك " .. وهذا يدل على أنهم كانوا يبحثون عن الله ..
+ صفة جميلة ثالثة وهى أنهم كانوا رجال بساطة وإيمان .. لم يكتفوا بالصلاة ، وإنما أيضا ألقوا قرعة ... فى تقواهم كانوا يشمئزون من بشاعة الخطية ويشعرون أنها سبب البلايا التى تحيق بالإنسان ..
+ كانوا أيضا أشخاصا عادلين لا يحكمون على أحد بسرعة ، بل إتصفوا بطول الأناة وبالفحص وإرضاء الضمير ..
أما يونان فاعترف لهم وقال : " أنا عبرانى ، وأنا خائف من الرب إله السماء الذى صنع البحر والبر ، وبمجرد سماعهم ذلك الكلام خافوا خوفا عظيما ..
هل إلهك يا يونان هو إله البحر والبر ؟ نحن الآن فى البحر ، إذن فنحن فى يد إلهك أنت ... ونحن نريد الوصول إلى البر .. وإلهك هو إله البر أيضا ، كما هو إله البحر ، إذن فنحن فى يديه .
لذلك خافوا ووبخوه قائلين : " لماذا فعلت هذا ؟! "
وللمرة الثانية يتبكت النبى العظيم من الأمميين .
+ وكما كان ركاب السفينة عادلين ، كانوا أيضا فى منتهى الرحمة والشفقة : كانوا يوقنون أنه مذنب ويستحق الموت ، ومع ذلك لم يكن سهلا على هؤلاء القوم الرحماء ، أن يميتوا إنسانا حتى لو كان هو السبب فى ضياع متاعهم وأملاكهم وتهديد حياتهم بالخطر ..
قال لهم يونان : " خذونى واطرحونى فى البحر ، فيسكن البحر عنكم ، لأنى عالم أنه بسببى هذا النوء العظيك عليكم " ... لقد بذلوا كل جهدهم لإنقاذ الرجل الخاطىء من الموت ، ولكن دون جدوى
. كانت مشيئة الرب أن يلقى يونان فى البحر .. وهكذا أسقط فىأيديهم ، ولكن لكى يريحوا ضمائرهم ، صرخوا إلى الرب وقالوا " آه يارب ، لا نهلك من أجل نفس هذا الرجل . ولا تجعل علينا دما بريئا ، لأنك أنت يارب فعلت كما شئت "
وإذ تحققوا أن هذه هى مشيئة الله ، وأنهم لا يستطيعون أن يقفوا ضد مشيئته ، " أخذوا يونان وطرحوه فى البحر ، فوقف البحر عن هيجانه " ....
+ من كل ما سبق يتضح أن هؤلاء البحارة كان لهم ضمير حساس نقى ، وأنهم أرادوا بكل حرص أن يقفوا أمام ضميرهم بلا لوم .
+ كانت لهؤلاء الناس قلوب مستعدة لعمل الله فيها : كانوا يتلمسون إرادة الله لتنفيذها . ولما وقف هيجان البحر بإلقاء يونان فيه ، تأكدوا من وجود الله فى الأمر ، فآمنوا بالرب ، وذبحوا له ذبيحة ، ونذروا له نذورا .. وفى إيمانهم بالرب لم يؤمنوا فقط أنه هو الرب ، وإنما بتقديمهم للذبيحة أعلنوا أيضا إيمانهم بالدم والكفارة ..
وهكذا كسب الله المعركة الأولى ، وتمم خلاص أهل السفينة بعصيان يونان بقيت فى خطة الله للخلاص مسألتان هامتان أخريان : وهما خلاص أهل نينوى ، وخلاص يونان .
+ + +
2
تأملات فى سفر يونان النبى
يونان فى بطن الحوت
أُلقى يونان فى البحر ، ولكنه لم يلق للموت .. كانت الإرادة الإلهية ما تزال ممسكة به ، والله ما يزال عند خطته أن يرسل يونان إلى مدينة نينوى لإنقاذها ...
+ وهل ما يزال هذا الإنسان يارب يصلح لهذه الخدمة الكبيرة بعد كل ما صدر منه ؟
نعم ، إن يونان هذا هو ابنى وحبيبى ، ونبيى أيضا ، وسأرسله إلى نينوى
. إن كان قد أخطأ فإنى سأصلحه ، وأجعله صالحا للخدمة ، وأنقذ نفسه ، وأنقذ المدينة به .. هذا الحجر غير المصقول سأتعهده بالنحت ، حتى أجعله صالحا للبناء ...
حقا إن الله عجيب فى طول أناته
. لا يغضب ولا يتخلى بسرعة عن خدامه الذين يخطئون عندما ألقى يونان فىالبحر ، تلقفته الأيدى الإلهية ، وحملته فى رفق لكى لا يهلك ، ولكى لا يغرق ، أخذه الله ووضعه فى جوف حوت ، ليحفظه آمنا هناك ...
كان الله قد " أعد حوتا عظيما ليبتلع يونان " ( 1 : 17 ) . لم يعده للإهلاك ، وإنما للحفظ .. لم يكن الحوت عقوبة وإنما كان صونا . كان يونان فى بطن الحوت أكثر امنا وراحة مما لو ظل فى البحر ، يكافح الأمواج ، ويكافح البحر ، ويكافح التعب والبرد والريح ..
كان هذا الحوت مرسلا من الله ، لينقذ الإرادة الإلهية التى كلف بها .
لم يكن له سلطان أن يأكله أو يفرز عليه عصارات ويحلله ويمتصه
. كلا ، بل ابتلعه ليدخله إلى أحضانه الداخلية ، ويحفظه حتى يصل إلى قرب هدفه . كان وسيلة مواصلات مجانية يصل بها يونان إلى أقرب مكان من محطة النزول .
كأن يونان كان فى غواصة حصينة تمخر به البحر وهو فى جوفها تحت الماء ..
كان يونان فى بطن الحوت ثلاثة أيام سليما لا يقوى عليه الحوت . كما كان المسيح فى القبر ثلاثة أيام سليما لا يقوى عليه الموت . هكذا أنت أيها الأخ المبارك ، ان أعد الله حوتا عظيما ليبتلعك ، فلا تخف ، ولا تتضايق ولا تحزن ، بل بارك الرب داخله كما فعل يونان .
حاذر أن تشكو كلما ابتلعك حوت ، فالحيتان فى بحر هذا العالم كثيرة ..
كان ذلك الحوت ضخما جدا ، كان حوتا عظيما .. وجد يونان نفسه فى بركة ماء فماذا يعمل ؟ رجع إلى عقله .. وركع وصلى فى جوف الحوت .. ونظر إليه الرب وابتهج : آه يا يونان ، اننى أريد منك هذه الصلاة من بداية القصة ، كل ما حدث كان القصد منه أن أجعلك تركع ، ولو فى جوف حوت ، لنتفاهم .... أخذ يونان صورته الأولى كإنسان مطيع محب لله ، مؤمن جدا بوعوده
. رجع كما كان يثق بالله ويشكره ...
إن صلاة يونان وهو فى جوف الحوت ، مؤثرة جدا ، تتسم بروح النبوة وبالإيمان العجيب " والإيقان بأمور لا ترى " ....
يقول قداسة البابا شنودة الثالث : إنها من أعظم الصلوات التى قرأتها فى حياتى
.. ليته كان قد قدمها ، أو قدم صلاة من نوعها قبل أن يفكر فى الهروب من الرب .. حقا أن الضيقات هى مدرسة للصلاة ...
لقد تأثرت كثيرا بقوله " دعوت من ضيقى الرب فاستجابنى " . وقلت فى نفسى : ما هذا يا يونان ؟ كيف استجابك وأنت ما تزال فى جوف الحوت ؟! أما كان الأجدر أن تقول " دعوت يارب فى ضيقى فاستجبنى " فتطلب هذه الأستجابة لا أن تعلنها ؟! .
لكن يونان يرى بعين الإيمان ما سوف يعطيه له الرب
. يراه كأنه قائم أمامه ، وليس كأنه سيأخذه فيما بعد ، فيفرح قائلا " دعوت ... فأستجابنى " .
ويستمر يونان فى صلاته العجيبة ، فيقول للرب " صرخت من جوف الهاوية ، فسمعت صوتى .. جازت فوقى جميع تياراتك ولججك . ولكننى أعود أنظر إلى هيكل قدسك " ... بهذا الإيمان رأى يونان نفسه خارج الحوت ، ينظر إلى هيكل الرب ...
وبهذا الإيمان استطاع أن يحول صلاته من طلب إلى شكر ، وهو ما يزال بعد فى جوف الحوت العظيم .. فختم صلاته بقوله " أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك ، وأوفى بما نذرته . للرب الخلاص " ( 2 : 9 ) .
كيف تأكدت أيها النبى القديس من أن الرب قد سمع صوتك ، وقد استجابك ، وقد سمح أن تخرج من بطن الحوت ، وتعود مرة أخرى تنظر إلى هيكله ؟؟ أين منك هذا الهيكل وهو بعيد فى أورشليم ، بينما أنت فى جوف الحوت ، فى مكان ما من البحرلا تستطيع تحديده ؟
! ولكن النبى يجيب : أنا واثق تماما أننى سأخرج من بطن الحوت ، وأكمل رسالتى ، لأن كلمة الله لا تسقط ولا ترجع فارغة .
عجيب جدا هذا الرجل فى إيمانه ، إنه حقا رجل الإيمان العميق الذى اختاره الرب
... لا ننكر أن ضبابا قد اكتنفه فأخطأ إلى الله ، ولكن عنصره ما يزال طيبا .
إنه يرى المستقبل الملىء بالرجاء قائما كأنه الحاضر ، ويشكر الرب على خلاص لم ينله بعد من جهة الزمن ، ولكنه قد ناله فعلا من جهة الكشف الخاص بموهبة النبوة ، الخاص بالرجل المفتوح العينين ، الذى يرى رؤى الرب كأنها فى كتاب مفتوح ، ويتمتع بمواعيده قبل أن تأتى ...
وإذ وصل ايمان يونان إلى هذا الحد العجيب ، أمر الرب الحوت فقذفه إلى البر ..
كان سير هذا الحوت بإحكام عظيم ، وفق خطة إلهية مدبرة تدعو إلى الأطمئنان ، ظهر فى الوقت المناسب ، وفى المكان المناسب ، لكى يحمل يونان فى داخله كما لو كان هذا النبى ينتقل من سفينة مكشوفة يمكن للأمواج أن تغطيها وتغرقها ، إلى سفينة مغلقة محصنة لا تقوى عليها المياة ولا الأمواج . وفى الوقت المناسب قذف يونان إلى البر فى المكان الذى حدده الرب لنزوله . ثم جاز مقابله بعد أن أدى واجبه نحوه على أكمل وجه ... هنيئا لك يا يونان هذه الغواصة البديعة ، التى عشت فى أحضانها فترة ، أعادتك إلى طقسك وإلى رسالتك ...
نقلب هذه الصفحة من قصة يونان ، كأنها لم تحدث ، وكأن هذين الإصحاحين الأولين من السفر قد نسيهما الرب ، فعاد يقول ليونان مرة أخرى
" قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة ، وناد عليها المناداه التى أنا مكلمك بها ... "
+ + +
3
تأملات فى سفر يونان النبى
نينوى المدينة العظيمة
يونان يذهب إلى نينوى ، ولكن ... أصدر الله ليونان نفس الأمر القديم " قم اذهب إلى نينوى ... " ، وفى هذه المرة لم يهرب من وجه الرب ، بل " قام وذهب إلى نينوى حسب أمر الرب " .
وتم الأمر فى هدوء : الله لم يعاتب ، ويونان لم يعارض .. ولعل هذا الأمر يحتاج منا إلى وقفة تأمل ...
الله لم يغضب من موقف يونان ، بحيث يحرمه من الخدمة ، أو يسقطه من درجة النبوة إلى درجة المؤمن العادى ، أو يبحث عن غيره ليرسله ...
أما يونان فكان قد تلقى درسا ، فأطاع ... ولكن أتراها كانت طاعة عن اقتناع ورضى أم هى مجرد خضوع ؟
هوذا أنت ذاهب يا يونان إلى نينوى .. فماذا عن العوائق السابقة التى كانت تمنعك فى المرة الأولى ؟ ماذا عن كرامتك ؟ وماذا عن كلمتك التى ستقولها ثم لا ينفذها الرب ، إذ تتوب المدينة ويرجع الرب عن تهديده لها ؟ هل فكرت فى كل ذلك ، وهل مات الوحش الذى فى أحشائك ، وحش الكرامة والأعتزاز بالكلمة ؟
فى هذه المرة كان يونان سيطيع ، وكفى . كان سيطيع من الخارج ، أما من الداخل فما تزال كرامته لها أهمية عنده . سيضغط على نفسه من أجل الطاعة . وسينتظر ماذا سيفعل الرب .
فى هذه المرة تقابل مع الله فى منتصف الطريق
كانت محبة الكرامة ما تزال تتعبه ، ولكنه أطاع خوفا من التأديب ، وليس عن إيمان وتواضع .
نينوى المدينة العظيمة عجيب هذا اللقب" المدينة العظيمة " الذى أطلقه الرب على نينوى !! قاله الرب مرتين ليونان " قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة " ( 1 : 2 ، 3 : 2 ) . وهذا التعبير " المدينة العظيمة " كرره الوحى للمرة الثالثة بقولـه " وأما نينوى فكانت مدينة عظيمة للرب مسيرة ثلاثة أيام " ( 3 : 3 ) . وتكرر هذا اللقب للمرة الرابعة فى آخر السفر .. ( 4 : 11 ) .
ما أعجب هذا ، أن يلقبها الرب أربع مرات بالمدينة العظيمة ، بينما كانت مدينة أممية ، جاهلة لا يعرف أهلها يمينهم من شمالهم ، تستحق أن ينادى عليها النبى بالهلاك ، وهى خاطئة قد صعد شرها أمام الرب
. وليس فيها من جهة المقياس الروحى أى مظهر من مظاهر العظمة !!
أكان هذا تنازلا من الرب فىاستخدام الأسلوب البشرى ، فسماها عظيمة ، على اعتبار أنها عاصمة لدولة ، وتضم أكثر من 120 ألفا من السكان ؟
أم أن الله رآها باعتبار ما سوف تصير إليه فى توبتها وفى عظمتها المقبلة ، كأممية توبخ اليهود ، كما قال عنها الرب " إن رجال نينوى سيقومون فى يوم الدين مع هذا الجيل ويدينونه ، لأنهم تابوا بمناداة يونان . وهوذا أعظم من يونان ههنا " ( متى 12 : 41 )
إن تسمية الرب لنينوى بالمدينة العظيمة درس نافع للذين يسلكون بالحرف ، ويدققون فى استخدام الألفاظ تدقيقا يعقدون به كل الأمور ، ويخضعون به الروح لفقه الكلمات !!
أمر الله يونان النبى أن ينادى على نينوى بالهلاك ، ولكنه كان فى نفس الوقت يدبر لأهلها الخلاص
.. كان يحبهم ويعمل على إنقاذهم دون أن يطلبوا منه هذا ..
إن سفر يونان يعطينا فكرة عميقة عن كراهية الله للخطية ، ولكنه فى نفس الوقت يشفق على الخطاة ويسعى لخلاصهم .
وانقاذ الله لنينوى يعطينا فكرة عن اهتمام الله بالأمم ، إذ كان اليهود يظنون أن الله لهم وحدهم ، وأنهم وحدهم الذين يتبعونه ويعبدونه ، وهم شعبه وغنم رعيته ، فأراهم الله فى قصة نينوى أن له خرافا أخر ليست من تلك الحظيرة .
عظمة نينوى فى توبتها عندما وصف الله نينوى بأنها مدينة عظيمة ، لم يكن ينظر إلى جهلها وخطيئتها ، إنما كان ينظر فى فرح شديد إلى عمق توبتها .
+ كانت نينوى سريعة فى إستجابتها لكلمة الرب ... بعكس أهل سدوم الذين استهزأوا بلوط عندما دعاهم للتوبة ( تك 19 : 14 ) .
إنهم أعظم بكثير من اليهود الذين عاصروا السيد المسيح – الذى هو أعظم من يونان بما لا يقاس – ورأوا معجزاته العديدة ...
+ كانت كلمة الرب لأهل نينوى كلمة مثمرة ، أتت بثمر كثير عجيب :
أول ثمرة لها هى الإيمان " فآمن أهل نينوى بالله "
وثانى ثمرة لأهل نينوى كانت انسحاق القلب الصادق المتذلل أمام الله .. ونظر الله إلى هذه المدينة المتضعة ، وتنسم منها رائحة الرضى . " فالذبيحة لله هى روح منسحق . القلب المتخشع والمتواضع لا يرذله الله " ( مز 50 ) .
وكان من ثمار كلمة الله فيها أيضا : الصوم والصلاة ...
على أن أهم ثمرة لأهل نينوى كانت هى التوبة .. التوبة قادتهم إلى الإيمان !
وبهذه التوبة استحقوا رحمة الله ، فعفا عنهم جميعا وسامحهم ، وقبلهم إليه وضمهم إلى خاصته .
لم يقل الكتاب : " لما رأى الرب صومهم وصلاتهم وتذللهم " بل قال : " لما رأى أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة " .
يتساءل قداسة البابا شنودة :
+ " أود أن اقف قليلا عند عبارة هامة قيلت فى توبة نينوى وهى أنها : " تابت بمناداة يونان " . فماذا كانت مناداة يونان ؟
هل حقا أن يونان لم يقل سوى هذه العبارة وحدها ( بعد أربعين يوما تنقلب نينوى ) ؟ وهل كانت كافية لخلاص المدينة وإحداث هذا التأثير الهائل ؟
أميل إلى الأعتقاد أن توبة نينوى كان مرجعها الأساسى هو الأستعداد القلبى عند أهل نينوى .
ومما يزيد هذه التوبة قوة وجمالا ، أنها كانت توبة عامة ... الكل تابوا . الكل رجعوا إلى الله . الكل آمنوا به وهكذا نجح الهدف الثانى من خطة الله ، فخلص أهل نينوى ، كما خلص أهل السفينة من قبل .
+ + +
4
تأملات فى سفر يونان النبى
إنقاذ يونان من قسوته وكبريائه
كان هناك فرح فى السماء بخلاص نينوى لقد فرح الله ، وفرح الملائكة ، وكانوا يهنئون بعضهم قائلين : لقد آمنت نينوى ، وقد تابت ، وقد انضم إلى ملكوت الله 120 ألفا من الناس ى يوم واحد .
ووسط أفراح الماء ، وتهليل الملائكة ، كان هناك إنسان واحد حزين بسبب هذا الخلاص العظيم ، ذلك هو يونان النبى .
لقد حزن جدا لأن الله قد غفر لهؤلاء الناس ورحمهم ولم يهلكهم , وقد عبر الكتاب عن حزن يونان بعبارة مذهلة أو بعبارة مخجلة . قال فيها : " فغم ذلك يونان غما شديدا فاغتاظ " ( 4 : 1 ) ياللهول !! أيغتم النبى من أجل خلاص الناس ، وغما شديدا ، ويغتاظ !! كل ذلك لأن هذه الآلاف كلها قد نجت من الهلاك ...
يقول قداسة البابا شنودة : يذكرنى يونان فى تصرفه هذا بالإبن الكبير عندما حزن ورفض أن يدخل ، لأن أخاه كان ميتا فعاش ، وكان ضالا فوجد .. وقد قبله أبوه فرحا . فأغتم هذا الأبن الكبير غما شديدا وأغتاظ كيونان ... وحاول بغضبه أن يعكر صفو تلك البهجة .. تماما كيونان .
لقد كان يونان ما يزال متمركزا حول ذاته ، لا يفكر إلا فيها .
بهذا الغيظ برهن يونان على أنه لم يستطع أن يستفيد من تجربته السابقة ، نسى الثمن الذى دفعه فى بطن الحوت وفى السفينة المهددة بالغرق .. والعجيب أن يونان – وهو فى هذا السقوط الروحى – صلى إلى الرب ... بأى وجه كان يصلى وهو مختلف مع الله فى الوسيلة والأهداف ؟!
وهكذا صلى وقال : " آه يا رب .... " بل آه منك يايونان الذى لا تهتم سوى بنفسك وكرامتك
! ماذا تريد أن تقول ؟ يتابع يونان صلاته فيقول : " آه يارب ، أليس هذا كلامى إذ كنت بعد فى أرضى ؟! لذلك بادرت بالهرب إلى ترشيش ، لأنى علمت أنك إله رءوف ورحيم بطىء الغضب وكثير الرحمة ونادم على الشر " ( 4 : 2 ) .
وماذا يضيرك يا يونان فى أن يكون الله رحيما ؟ ! ثق أنه لولا رحمته لهلكت أنت أيضا .. إن رحمته قد شملت الكل .. ويصرخ يونان فى تذمره " فالآن يارب ، خذ نفسى منى ، لأن موتى خير من حياتى " !!
هل إلى هذا الحد وصل غيظك من سقوط كلمتك يايونان .. ثم من قال أن كلمة الله التى قمت بتبليغها قد سقطت أو تغيرت أو نزلت إلى الأرض ؟
! ان الله أصدر حكم الهلاك والأنقلاب على نينوى الخاطئة ، وليس على نينوى التائبة .
على أن يونان لم يفهم هذا المنطق ، واهتم بحرفية الحكم لا بروحه ، لذلك اغتاظ ، ولم يكن له حق فى غيظه .
رأى الله أن يونان مغتم ومغتاظ ، فأراد أن يعمل معه عمل محبة
. بينما كان يونان يفكر فى ذاته ، كان الله يفكر فى خلاص الناس .
الله لم يفكر فى كرامته ، كيونان ، لم يفكر كيف أن يونان عصاه وخالفه وتذمر على أحكامه ، وإنما فكر كيف يريح يونان ويخلصه من غمه ، عجيبة هى محبة الله هذه ..
كان لله عمل كبير مع يونان لا بد أن يعمله ... يسعى لخلاصه هو أيضا ، لئلا بعد ما كرز لآخرين ، يكون هو نفسه مرفوضا أمام الله ( 1 كو 9 : 27 ) .. كان هذا الذى كرز للناس بالتوبة يحتاج هو أيضا إلى توبة ، يحتاج أن يتخلص من قسوته ومن كبريائه ومن اعتزازه بكرامته .
وكدأب الله دائما ، بدأ هو بعمل المصالحة ، فلما رأى يونان مغتما ، أعد يقطينة ارتفعت فوق رأس يونان " لتكون ظلا على رأسه ، لكى يخلصه من غمه " ( 4 : 6 ) .
ما أكثر ما تتعب يارب من أجلنا ! من أجل راحتنا ، ومن أجل إصلاحنا ، ومن أجل مصالحتنا .
كنا نظن أنك استرحت منذ اليوم السابع ، ولكنك ما تزال تعمل من أجلنا ، استرحت من خلق العالم
. أما من جهة رعايته فما تزال تعمل . " وفرح يونان من أجل اليقطينة فرحا عظيما " ( 4 : 6 ) .
يعلق قداسة البابا شنودة على تلك الجملة مندهشا : صدقونى أننى عندما قرأت عن الفرح العظيم الذى فرحه يونان باليقطينة انذهلت جدا .. انها ولا شك عبارة مخجلة !!
هل تفرح يا يونان فرحا عظيما من أجل اليقطينة التى ظللت عليك ، ولا تفرح ولو قليلا ، بل تغتاظ من أجل رحمة الله التى ظللت على 120 ألف نسمة ؟! ألم يكن الأجدر أن تفرح هذا الفرح العظيم من أجل خلاص نينوى ؟! .
داخل نينوى كان يونان يعمل مع الله فى نشر ملكوته بالكرازة ، وخارج نينوى كان الله يعمل لأجل يونان لتخليص نفسه ، ولتخليصه من غمه ...
فرح يونان بظل اليقطينة ، ولم يفرح بدرسها ، إذ لم يكن قد تلقاه بعد .. فرح باليقطينة ولم يفرح بالله الذى كان يعمل وراء اليقطينة من أجله .
وإذ بدأت خطة الله تأتى بثمرها ، ضرب اليقطينة فيبست ، ضاعت اليقطينة ، وضاع الظل ، وضربت الشمس على رأس يونان فذبل ، واشتهى لنفسه الموت !
حقا إن الله يدبر كل شىء للخير . الظل للخير ، وضربة الشمس للخير أيضا .
إن الله يريد لنا الخلاص ، وهو مستعد أن يستخدم كافة السبل النافعة لخلاصنا ، حتى لو كانت أحيانا تعبا للجسد ، أو تعبا للنفس .
وفى هذه التدابير الروحية كان يونان غارقا فى تفكيره المادى ، يفرح من أجل اليقطينة ، ويحزن من أجل ضياعها ، دون أن يفكر فى خلاص نفسه ، ودون أن يهتم بالمصالحة مع الله .
كثرون اشتهوا الموت لأسباب روحية مقدسة ، أما يونان فطلب الموت لأسباب تافهة تحمل معنى التذمر وعدم الأحتمال
بولس لم يخطىء عندما قال : " لى اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح فذاك أفضل جدا " ( فى 1 : 23 ) .. أما يونان فقد أخطأ عندما قال لله : " الآن خذ نفسى لأن موتى خير من حياتى " . قالها عن تذمر ، فى وقت لم يكن فيه مستعدا للموت .
ومع أن هذا الأسلوب من يونان لم يكن لطيفا من الناحية الروحية ، إلا أنه على أية الحالات يدل على صراحته مع الله وكشفه لدواخله كما هى ... وبدأ الله يتفاهم معه ويقنعه
. قال له الرب : " أنت أشفقت على اليقطينة التى لم تتعب فيها ولا ربيتها ، التى بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت ، أفلا أشفق أنا على نيتوى المدينة العظيمة التى يوجد فيها أكثر من أثنتى عشرة ربوة من الناس ..... " ؟!
أما من جهة كلمتك التى تظن أنها سقطت ، أو بالأحرى كلمتى ، فأعلم أنها لم تسقط وأنا لم أتغير ،
" فالله ليس عنده تغيير ولا ظل دوران " ( يع 1 : 17 ) .
+ + +
سيظل يسوع فاتحا ذراعيه لانه يريد نفسى التى مات عنها لكى يحتضنها

القديسه ريتا شفيعة المستحيلات


ولـدت ريـتـا ســـــنـة 1370 فـي قـريـة " روكـابـوريـنـا" الـصـغـيـرة الـتـابـعـة لـمـديـنـة كـاشــــيـا والـواقـعـة فـي مـنـطـقـة جـمـيـلـة فـي أواســـــــط أيـطـالـيـا ، شـــمـالـي رومـا الـعـاصـمـة .
وســــمـيـت الـطـفـلـة فـي الـعـمـاد " مـاركـريـتـا " وســـمـاهـا الأقـارب " ريـتـا " تـحـبـنـا . وكــانـت وحـيـدة لـوالـديـهـا الـلـذيـن بــذلا قـصـارى جـهـدهـمـا فـي تـوفـيـر تـربـيـة مـســيـحـيـة أصـيـلـة لـهـا .
إلا أن الـمـحـيـط الـذي عــاشــــــــت فـيـه ريـتـا الـصـغـيـرة كـان مـشـــحونـاً بـالأحـقـاد والـخـصـومـات الـتـي تـؤدي غـالـبـاً إلـى الأنـتـقـام والـقـتـل.
ومـا أن بـلـغـت الـفـتـاة الـثـانـيـة عـشــر مـن ســــنـهـا ، حـتـى خـطـبـهـا شــــــاب اســمـهـه بـاولـو مـانـشـــــيـنـو ، وهـو مـن أبـنـاء الـقـريـة ويـعـمـل لـحـســـــاب أحـد الأقـطـاعـيـيـن .
وكـان بـاولـو حـاد الـطـبـع شــــــرس الأخـلاق ، عـلـى أحـد الـنـقـيـض مـن ريـتـا الـوديــعـــة الـمـتـديـنـة . لـكـن الـزواج لـم يـتـم إلا ســـنـة 1387 ، لإنـهـمـاك بـاولـو في الـصراعـات الـدائـرة في الـمـنـطـقـة
وتـوفـي والـد ريـتـا بـعـد مـدة قـصـيـرة مـن زواجـهـــا ، وتـبـعـتـه والـدتـهـا الـى الـلـحـد ، مـمـا ســـبـب حـزنـاً عـمـيـقـاً فـي نـفـس ريـتـا . وكــانـت ســـنـوات الـزواج الأولـى صـعـبـة لـريـتـا ، بـالـنـظـر إلـى طـبـع زوجـهــا ومـيـولـه إلـى الـعـنـف والـشـــراســـة . ولـكـنـهــا حـاولـت أن تـتـكـيـف مـع وضعـهـا الـجـديـد ، وأن تـفـهـم وتـتـحـمـل مـســـــــؤلـيـات حـالـتـهـا الـزوجـيـة . فـأخـذت تـرفـع الـصـلـوات الـحـارة عـلـى نـيـة زوجـهـا وتـتـفـانـى فـي خـدمـتـه واكـتـســـاب رضـاه وثـقـتـه ، وتـبـذل جـهـدهـا فـي اســتـئـصـال الـبـغـض مـن قـلـبـه وتـوجـيـه مـشـــاعـره نـحـو الـخـيـر والـســـلام .
وأنـجـزت ريـتـا ولـديـن تـؤمـيـن ، ســــمـي أحـدهـمــا جـان جـاكـومـو ، والآخـر بـاولـو مــاريــا . وعـكـفـت الأم الـشــابـة عـلـى تـربـيـة ولـديـهـا وتـوجـيـهـهـمـا إلـى الـخـيـر والـمـحـبـة مـنـذ صغـرهـمـا. وكان لـمـيـلادهـمـا تـأثـيـر إيـجـابـي فـي نـفـس الـوالـد الـذي هـدأ قـلـيـلاً في تـصـرفـاتـــه ، ولـم يــعــد يــحــمــل الـســــلاح
إلا أن زوج ريـتـا اغـتـيـل فـي أحـد الـلـيـالي ، بـيـنـمـا كان عـائـداً مـن كـاشـيـا إلى قـريـتـه . وقـبـل وفاتـه ،سـمـعـوهُ يـتـلـفـظ بـكـلـمـات الـغـفــران لـقـاتـلـيـه ، وانـكـبـت ريـتـا الـمـنـكـوبـة عـلـى جـثـمـانـه وقــالـت : " أغـفـر لـه يـا رب ، خـلـص نـفـســــه ، أغـفـر لـه كـمـا أغـفـر لـقـاتـلـيـه " .
وكـان ذلـك ســــنـة 1404 ، وكـان عـمـر ريـتـا اذ ذاك 34 عـامـاً . وعـكـفـت عـلـى الإهـتـمــــام بـولـديـهـا ، وكـانـــت عـلـى عـلـم بـمـــا يـدور فـي خـاطـرهـمـا مـن عـواطـف الـثـأر لـوالـدهـمـا . فـأخـذت تـصـلـي وتـطـلـب مـن الـلـه أن يـمـنـع وقـــوع هــذه الـجـريـمـة . وحـاولـت تـهـدئـة الـولـديـن وحـمـلـهـمـا عـلـى الـغـفـــران لـقـاتـلـي والـدهـمـا .
وإذ لــم تـجـد مـحـاولاتـهـا نـفـعـاً ، عـمـدت إلـى اســـلـوب بـطـولـي : الـتـمـســـــت مـن الـلـه أن يـأخـذهـمـــا قــبــل أن يـرتـكـبـا الـجـريـمـة الـتـي يـنـويـان اقـتـرافـهـا . واســتـجـاب الـلـه إلـى تـضـرع هـذه الـوالـدة الـقـديـســة ، فــتــوفــــي الــولـــدان ، الــــواحـــــد تــلــو الآخــــر ، خــــــلال ســـنـة 1405 ! وجـِدَت ريـتـا نـفـســــهـا أمـام فـراغ هـائـل .
ولـكـنـهـا لـم تـيـأس . بـل ، امـتـثـالاً لـلـمـشـــورة الأنـجـيـلـيـة ، بـاعـت كـل مـا كـانـت تـمـلـكـه ووزعـت كـل شــــــيء عـلى الـفـقـراء والـمـحـتـاجـيـن وعـلـى الـمـشــــاريـع الـخـيـريـة ، وقـررت الـدخـول إلـى ديـر مـريـم الـمجـدلـيـة لـلـراهـبـات الأوغـسـطـيـنـيـات فـي مـنـطـقـة كـاشـيـا . إلا أن راهـبـات الـديـر رفـضـنـهـا . واعـادت ريـتـا الـكـرة مـرات عـديـدة ، ولـكـنـهـا لـم تـتـلـق ســـــوى الـرفـض الـقـاطـع ، لـكـونـهـا أرمـلـة وزوجـة قـتـيـل ! لـكـن الـلـه الـقـديـر دبـر لـهـا أمـر دخـولـهـا إلـى الـديـــر بـصـورة خـارقـــة ، إذ نـقـلـهـا إلـى الــديـــــر لـيـلاً ، ووجـدتـهـــا الـراهــبــــات صـبـاحـــاً فـي قـاعـة الـديـر بـطـريـقــــة مـدهـشـــة . فـلـم يـســـع الـراهـبـات إلا الـرضـوح لإرادة الـلـه ، وقـبـلـن ريـتـا فـي الـديـر ســـنـة 1406
لـقـد تـحـقـقـت امـنـيـة ريـتـا ، فـمـــا أســــعـدهـا ! وبـعـد ســـنـة الأبـتـداء ، أبـرزت نـذورهـا الـرهـبـانـيـة . وعـلـيـهـا مـن الآن ، أكـثـر مـن ذي قـبـل ، أن تـنـشــــر الـمـحـبـة حـولـهـا ، وأن تـكـون رســـولـة لـلـســـلام . والـكـرمـة الـمـوجـودة حـتـى الآن في فـنـاء الـديـر تـشـهـد لـطـاعـة ريـتـا الـتـي ، نـزولاً عـنـد أمـر رئـيـســتـهـا ، زرعـت غـصـن كـرمـة يـابـســـاً وســــــقـتـه طـوال ســـــنـة كـامـلـة ، وإذا بـالـغـصـن الـيـابـس يـلـيـن ، وتـنـبـت فـي أطـرافـــــه بـراعـم خـضـراء ، ويـصـبـح كـرمـــة بـاســــقـة الأغـصـان مـا تـزال حـتـى الـيـوم تـعـطـي الـديـر ظـلـهـا وعـنـاقـيـدهـا الـلـذيـذة
وفـي جـمـعـة الآلام ســنـة 1432 ، تـأثـرت ريـتـا كـثـيـراً بـكـلـمـات الـراهـب الـخـطـيـب الـذي تـحـدث عــــن آلآم الـمـســـيـح . وفـي طـريـق الـعـودة مـن الـكـنـيـســـة الـخـورنـيـة ، أخـذت تـراجـــع حـيـاتـهـا فـي جـمـيـــع مـراحـلـهـا . وعـنـد وصـولـهـا الــديـــــر ، دخـلـت صومـعــتــهــــا وعـكـفـت عـلـى صـلاة مـضـطـرمـــة أمـام الـصـلـيـب ، وتـأمـل عـمـيـق وإنـخِـطـاف روحـي . وإذا بـهـا تـشـــعـر بـأن اكـلـيـل الـشـــوك الـذي كـلـل بـه رأس يـســـوع قـد وضـع عـلـى رأســـهـا ، فــأهـتـز لـهـه جـســـمـهـا ، وشـــحـب لـونـهـا وتـدلـى رأســـهـا عـلـى صـدرهـــا فـي شـــبـه غـيـبـوبـة ألـيـمـة . وأصـيـب جـبـيـنـهــا بـجـروح نـتـيـجـة إنـغـراس شـــوكــــة مـن الأكـلـيـل فـيـه . واســـتـمـر هـذا الـجـرح يـنـزف مـدة خـمـســـة عـشـــرة ســـنـة ، وكـان علامـــــة عـلـى اشـــتـراك ريـتـا فـي آلام الـفــادي اشـــتـراكـاً مـســـتـمـراً ، ولـم يـخـتـف مـؤقـتـاً إلا خـلال زيـارتـهـا لـرومـا .
وكــــان هـذا الـجـرح يـســـبـب لـهـا آلامــاً شـــديـدة وحـرجـاً كـبـيـراً أمـام أخـواتـهـا الـراهـبـات . ثـم جـــاء مـرض آخـر ســـنـة 1443 ، وأرغـمـهـا عـلـى مـلازمـــة الـفـراش فـي صـومـعـتـهـا طـوال أربـع أعـوام
وفـي شـــهـر كـانـون الـثــانـي ســـنـة 1447 ، تـذكـرت ريـتـا قـريـتـهـا ومـنـزلـهـا وحـديـقـتـهـا ، وتـمـنـت أن يـؤتـي لـهـا بـوردة مـن تـلـك الـحـديـقـة مـــن ثـمـرتـي تـيـن ، وطـلـبـت ذلـك مـن الـمـرأة الـتـي تـرافـقـهـا . ويـا لـدهـشــة هـذه الـمـرأة حـيـنـمـا لاحـظـت صـبـاح الـيـوم الـتـالـي ان امـنـيـة ريـتـا تـحـقـقـت فـعـلاً ، فـحـمـلـت إلـيـهـا الـوردة والـتـيـنـتـيـن
وفـي فـجـر 22 ايـار 1447 ، لـفـظـت ريـتـا أنـفـاســـهـا الأخـيـرة وهـي فـي الســـابـعـة و الـســـبـعـيـن مـــن ســنـهـا . ويـقـال أن نـواقـيـس الـديـر شـــرعـت تـقـرع بـشـــدة تـلـقـائـيـاً عـنـد وفـاتـهـا . وتـجـاوبـت مـعـهـا نـواقـيـس كـنـائـس كـاشـــيـا كـلـهـا. وبـعـد مـوتـهــا كـثـرت الأعـاجـيـب الـتـي جـرت بـشـفـاعـتـهـا ، وشـــعَ جـبـيـنـهـا جـمـالاً ، وفـاضَـت مـنـهـا رائـحـة زكـيـة . ودُفِـنَ جُـثـمـانـهـا فـي ديـرهـا . وســـرعـان مـا أصـبـح مـحـجـة تـقـصـدهـا جـمـوع غـفـيـرة مـن الـنـاس . وحـيـنـمـا بـوشـــــر بـدعـوى تـطـويـبـهـا ، وفــتــح قـبـرهـــــا ، عـــايـن الـحـاضـرون أن جـثـمـانـهـا قـد بـقـى سـالـمـاً – وهـو مـايـزال هـكـذا حـتى الآن . ومـرت سـنـوات طـويـلـة عـلـى وفـاة ريـتـا ، وفـي ســـنـة 1628 ، أعـلـنـت ريـتـا طـوبـاويـة ، وفـي ســـنـة 1900 ، أعـلـنـهـا الـبـابـا لاون الـثـالـث عـشـــر قـديـســـة
هـكـذا أعـطـت الـقـديـســـة ريـتـا مـثـالاً رائـعــاً لـكـل راهـبـة ، ولـكـل شــابـة وأمـرأة مـسـيـحـيـة بـسـخـائـهـا وإيـمـانـهـا وتـقـواهـا ... وهـي الـيـوم تـدعـوا الـجـمـيــع الـى الأقـتـداء بـهـا كـمـا اقـتـدت هـي بـالـمـســـيـح . فـعـســانـا نـتـعـلـم مـنـهـا أن درب الـقـداســـة ، يـمـر مـن خـلال الـحـقـائـق الـيـومـيـة ، ومـن خـلال خـدمـــة اخـوتـنـا الـبـشـــر

لماذا أنا مسيحي؟؟

ماذا تعنى كلمة مسيحي؟
كلمة مسيحي هي نسب، والمنسوب إليه هو المسيح، وأطلقت هذه الكلمة على التلاميذ الأولين في إنطاكية "ودعي التلاميذ مسيحيين في إنطاكية أولا" وأطلقت عليهم هذه الكلمة لأنهم كانوا يتبعون المسيح ويعلمون بتعاليمه ويسلكون كما كان يسلك، ولذلك أطلق عليهم هذا الاسم لأنسابهم إلى ذلك الشخص وهو المسيح.
لقد سالت هذا السؤال لنفسي أكثر من مرة "لماذا أنا مسيحي؟" فهل أنا مسيحي لأنى ولدت من أبوين مسيحيين وفى بيئة مسيحية؟ وهل لو كنت وُلدت في حظيرة أخرى، لكنت من ضمن قطيعها دون السؤال؟
لذلك قررت أن انتصر على هذا الأسلوب وتلك الطريقة التي يسلك فيها الجميع وهى الإيمان بكل ما هو مُسلم به، وعندما وصلت إلى الإجابة قررت أن اكتبها وأقدمها لكم لكي يعرف الجميع "لماذا أنا مسيحي؟؟".
ولذلك أرجو أن تتابعوا معي لأني في كل مرة سوف اذكر احد الأسباب التي جعلتني أكون مسيحياً ولا أريد أن أكون إلا مسيحياً.
1- أنا مسيحي لان المسيحية قائمة على شخصية حية قوية وهى شخصية المسيح الذي هو نبع قوتها ومصدر سلامها، فهو ليس خاصاً بعصر واحد أو جيل واحد أو جنس واحد ولكن هذا الشخص العظيم اجتمعت فيه كل الصفات الحميدة التي لا تجدها عن غيره.
2- أنا مسيحي لأني في المسيحية أجد علاقة حقيقية مع الله، ففي المسيحية رأيت، عرفت، اختبرت الله، اشعر وكأن الله صديقي، اجلس معه أتكلم معه، واسمع كلامه، ادعوه في كل وقت لأني اشعر دائماً انه قريب منى، وانه يسمع لصوتي وندائي ويجيبني.
3- أنا مسيحي لأني في المسيحية أرى نفسي في أفضل صورة، فانا لم اخلق من طين وتراب ولكن الله خلقني على صورته كشبهه "وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" تك1: 26 وما أعظم أن أكون على صورة الله.
4- أنا مسيحي لان المسيحية رفعت من شأني كانسان، وخير دليل على ذلك هو عملية الفداء فالله العظيم الجالس في السماوات أرسل ابنه وحيده إلى العالم لكي يموت ويفدى حياتي، فهل هناك رفعة أكثر من ذلك، فلقد أحبني الله حباً عظيماً حتى انه بذل ابنه وحيده من أجلى، وذلك لأنه رأى في شيئاً مميزاً، فانا في المسيحية شخص مميز عند الله.
5- أنا مسيحي لأني أجد في المسيحية الرعاية والأمان، كثيراً من الناس في كل مكان يبحثون عن الرعاية والأمان، ولكنهم لا يجدوه، أما أنا فأتمتع بهم، وإذا أردت أن تتأكد من ذلك استرجع ذكريات يوم واحد من حياتك لترى فيه تعاملات الله الواضحة معك، فهو يوفر لك الرعاية والأمان، وأنا أثق عن اختبار أن الله يكون معي في كل وقت يرعاني ويحفظني "الرب راعى فلا يعوزني شئ" "إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي"
6- أنا مسيحي لأني أجد في المسيحية نفسي الحقيقية، فكلما اقتربت من المسيح وتعمقت علاقاتي به فإذ أجد أن نفسي العالمية اضمحلت واختفت، وارتفعت نفسي الحقيقية وتسامت وفى ذلك الوقت اردد مع بولس قائلاً "مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في"
7- أنا مسيحي لأني أجد في المسيحية تلبية لكل احتياجاتي، فانا اعبد اله حي اطلب منه وهو يجيب "اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يفتح لكم لأن كل من يسأل يأخذ ومن يطل يجد ومن يقرع يفتح له" مت7: 7.
8- أنا مسيحي لأني أجد في المسيحية خلاص مجاني، نعم خلاص مجاني لان الله دفع الثمن بموته الكفارى على الصليب، فعندما سأل سجان فيلبى بولس "ياسيدى ماذا ينبغي أن افعل لكي اخلص" فقال له بولس "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" فلم يطل منه مال أو غيره، لأن هذا خلاص مجاني جاء من اجله المسيح وقدمه إلى الجميع، فمن يؤمن يحصل عليه "لأنك أن اعترفت بفمك بالرب يسوع وأمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت" رو10: 9
9- أنا مسيحي لأني وجدت في المسيحية قوة للانتصار على خطاياي، ففي روح المسيح الحي الذي يسكن داخلي أجد كل يوم قوة مستمرة ومتجددة للانتصار على الخطية.
10- أنا مسيحي لأني وجدت في المسيحية سلام يفوق كل عقل، إن العالم كله يسعى باحثاً عن السلام، ولكنه لا يجده، ولكن أنا كشخص مسيحي أتمتع بسلام حقيقي مع الله.
11- أنا مسيحي لأني أجد في المسيحية ضمان أبدى دون شك أو احتمالات، فانا إذا مت أثق أن لي مكان عنده وذلك حسب وعده "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية"
12- أنا مسيحي لأني لم أجد ديانة أخرى أو شخص آخر يستحق العبادة، ويستحق أن اُنسب إليه غير المسيح ولذلك أنا مسيحي
في النهاية أقدم نصيحة إلى كل شخص يقرأ هذا المقال أن يفكر ويفكر "لماذا أنا.......؟؟"
 

website traffic counters
Dell Computers