بحث مخصص

2010-03-28

لقد كان ابى عظيما


كنت أحلم منذ كنت فى المرحلة الإعدادية بأن تكون لدىّ سيارة " بى إم " أو " جولف " وكنت أسرح بخيالى كثيرا فأجد نفسى داخل واحدة منها وقد إعتنيت جيدا بها وزودتها بالكماليات ، لا سيما سماعتين ستيريو من الخلف ، وفى ال " سى دى كاسيت " أدير شرائط الموسيقى الغربية وأرفع الصوت عاليا واصحب معى بعض من أصدقائي ، ننطلق بها مسرعين فى شوارع مصر الجديدة فى حالة من الرومانسية أميل ذات اليمين وذات الشمال مع عجلة القيادة
حقيقى أن الأمر تغـّير الآن فقد أصبحت فى الجامعة ولدى سيارة بالفعل ولكنها متواضعة وتؤدى الغرض وأحافظ عليها كثيرا
ولكن تلك الأحاسيس سيطرت عليّ فى ذلك السن الصغير ، فكلما أبصرت سيارة تمرق على الطريق وأعجبتنى ، تخيلت ذاتى فى الحال مالكها ، وكنت حريصا على متابعة المجلات التى تصدر فى هذا الإطار وكذلك ملاحق الجرائد المخصصة لأسواق السيارات ، ولم أنسى أن أزين جدران حجرتى بصور بعض السيارات الفارهة
كنت فى السادسة عشرة من عمرى ، حين حدث ذلك ، فقد كان يمتلك أبى سيارة " فيات " ولم يكن هو ينظر إليها باعتبارها ترفيها أو ركنا رئيسيا يكتمل به الشكل الإجتماعى ، وإنما لإنجاز أعماله، ومن ثم فقد كان كثيرا ما يئن منها ويضجر بسبب متاعب المرور أو أعطالها أو الإرهاق الناتج عن قيادتها ، وكنت أنا أتعجب كثيرا عندما أسمعه يردد أمام أمى مثل هذا الكلام ، فأستنكر كيف يضيق إنسان بسيارة يمتلكها
وكان أبى كريما معى ينتهز كل فرصة ليغدق عليّ هداياه ، وعندما تفوقت فى إمتحانات الشهادة الإعدادية قبل ذلك التاريخ بعام ، سألنى بحنو عن الهدية التى أرغب فيها، فقلت بهدوء مفاجئا إياه : أريد سيارة
وضحك هو كثيرا واعتبر الامر مجرد دعابة أو نادرة ! فأجاب متهكما : فماذا عساى أن أحضر لك متى تخرجت فى الكلية ؟ ! ... وحاولت من جانبى أن أبدو جادا فى طلبى ، ولكنه أصر على التعامل مع هذا الطلب باستخفاف ، ولما رحت ألاجج معه ، حسم الأمر قائلا : سنناقش هذا الأمر فيما بعد
ولكنه فى اليوم التالى لاحظ أننى لست سعيدا ، وكان يعرف ذلك بمجرد نظره إلىّ ، وعلى العشاء بادرنى بالسؤال عما يكـّدر صفوى فأجبته : لاشئ
هو : بل تبدو غير سعيد
أنا : أنت تعرف
هو : كلا فعرفنى
أنا : السيارة
فدهش لكونى مازلت أجتر فى هذا الأمر منذ الأمس وقال لى : إن السيارة لن تصنع منك رجلا ، وكذلك السيجارة ، ومثلها الملابس التى يرتديها الانسان . كما أنك لست فى احتياج حقيقى لها فى هذه السن ، والأفضل أن تمتلك سيارة عندما تتخرج وتعمل حيث تحتاج عندئذ إلى توفير الوقت والجهد ، كما أن السن الصغير يمثل خطورة بالنسبة لقيادة السيارات ، لا سيما داخل القاهرة التى يقطنها 14 مليونا ( فى ذلك الوقت ) وتمرح فى شوارعها مئات الآلآف من السيارات
أنا : ولكن بعضا من أصدقائى لديهم سيارات
فأجاب بدهشة : فى هذه السن ؟ ! فأكدت له ذلك ذاكرا بعضا من أسماء زملائي، فعلق متحمسا : إن الأب والأم اللذان يسمحان بذلك لإبنهما هما فى الواقع يؤذيانه أيما أذيه ، وليس فقط يغامران بعشرات الألوف من الجنيهات ، وإنما يعرضـّان حياته للخطر من أكثر من جهة
أنا : ولكنك تستطيع شراء سياره لى
هو: نعم ، ولكنه يجب على الإنسان أن يقتنى مايحتاج إليه متى كان قادرا ، فالناس لا يمتلكون كل ما يحتاجون إليه ، مثلما يشترى أخرون ما لا حاجة لهم به
ثم راح يحدثنى عن الشكر وعد الغيرة من الآخرين ، وأن أهتم بما يبنيني ويطور شخصيتى أكثر من الأمور
الشكلية، فإن الذى يقنع الآخرين بي هو شخصيتى وليس سيارتى. واختلفنا. ولكن أبى والذى تأكد من تذمرى لاطفنى كثيرا ووعدنى بأن ينظر فى هذا الأمر، وأنه سيبدأ فى تعليمى القيادة أولا كلما سنحت الفرصة بذلك.. وهكذا مرّ الأمر بسلام ... مثل أى طفل يتشبث بما لا ينفعه أو يناسبه. وكان بين آن وآخر يسمح لي بأن أدير محرك السيارة وهو جالس إلى جوارى
وإلى أن جاء يوم .. كان أبى قد عاد من عمله فى موعده اليومى عند الثانية ظهرا ، وبدأ برنامجه التقليدى حيث يأخذ حماما يجلس بعده إلى المائدة ليتناول طعامه ، ثم يأوى إلى فراشه لينال فسطا من النوم قبل الخروج من جديد للعمل والذى يستمر إلى نحو العاشرة ليلا فى تلك الظهيرة سيطرت علىّ فكرة طائشة واستسلمت لها فما أن استسلم أبى للنوم العميق حتى تسللت إلى حجرته ، ثم تقدمت على أطراف أصابعى متجها نحو سرواله المعلق إلى جواره ، وبهدوء إنزلقت أصابعى داخل جيبه لتخرج مفاتيح السيارة فى سلاسه ويسر ! وعدت أدراجى خارجا من الحجره، بينما كانت أمى منشغله فى بعض شئونها فلم تلحظ تسللى إلى خارج الشقة، وفى دقائق كنت أقف أمام السيارة ولم أنتظر طويلا فقد وضعت المفتاح فى الباب وأدرته فانفتح ، وقفزت على الكرسى أمام عجلة القيادة وأغلقت الباب ، وأدرت السيارة.... لقد كنت فى حالة ولَـه شديد ، أشعر بلذه أسطورية مثل أبطال اليونان... تم كل ذلك فى دقائق معدوده ، ثم حركت السياره...وأسرعت.. وإذا بها تقودنى ولست أنا... وانزلقت السيارة مسرعه فى شوارع مصر الجديده الهادئة فى ذلك الوقت من التهار الحار. وراحت تدور بى من شارع إلى آخر ومن ميدان إلى ميدان، كل ذلك يحدث وأنا لا أفكر فى شئ ، حتى فوجئت بسيارة تقف أمامى ولم أكن بالطبع مستعدا لاتخاذ موقف مناسب كقائد سياره ، ففى لحظة اصطدمت سيارتى بمؤخرة تلك السيارة بقوة... قبل ان تسكن تماما ويتوقف مخركها عن الدوران... وفوجئت بشخص ضخم البنية يقف أمام باب " سيارتى " كان الرجل الذى يرتدى نظارة سوداء ثائرا بالطبع يلعن الآباء الذين يتركون سياراتهم لمراهقين مثلى دون مراعاة لما قد ينتج عن ذلك من حوادث قد تودى بأعمار آخرين... ولما هـّم بالتفوه بألفاظ جارحه بادرته بالاحتجاج، وكان بعض الماره قد تجمعوا فطلبوا منى الذهاب لإحضار والدى ! وكان ذلك أكبر عقاب يمكن أن أناله ... كما كان أصعب موقف يمكن أن يواجهه فتى مثلى، نتيجة تصرف طائش كهذا
وتركت موقع الحادث .. وأسرعت أجر أذيال الخجل والضيق نحو البيت ، لقد كان الموقف عصيبا بالنسبة لى، فأمامى عدة عقبات صعبة علىّ اجتيازها
كيف أيقظ أبى وهو نائم مطمئن... وسيارته أمام باب العمارة .. وبنطلونه معلق إلى جواره وبداخله مفتاح السياره
لقد سرقت المفتاح.. وتحركت بالسيارة.. وصدمت أخرى بها.. وأتلفتها .. وأنشبت خلافا مع شخص لا أعرفه وقد يكون شريرا.. وى أعرف كيف ستكون عاقبة ما حدث
وذكرنى ذلك بفأر ساذج أغراه الطعم فى المصيده فانسل غير عابئ بالعواقب وىلآن يعانى داخل المصيده والتى أقفلت عليه ، ومثل الخطية التى يخطف بريقها البصر فيندفع الانسان نحوها فى سكره أو نشوه، ليعانى عقب السقوط من مرارة الحسرة وألم الندم
ولا أعرف كيف وصلت إلى الشقة، ورحت أضغط متواصلا على جرس الباب ، وفتح لى أخى الصغير ولم أبال بدهشته إذ توجهت من فورى إلى حجرة نوم أبى حيث وجدته على حاله منذ تركته نائما فى سلام عميق ... وتسمرت فى مكانى أمامه .. وشتان بين وقفتى أمامه ىلآن ووقفتى أمامه منذ أربعين دقيقة.. وتمالكت نفسي قليلا ورحت أهمس: بابا .... بابا
وتحرك أبى قليلا فى رقدته ولم يرد ، وعدت من جديد أناديه همسا، فرد بصوت متقطع مستنكرا حرمانه من تلك الدقائق التى يستعيد فيها حيويته، ولكنى واصلت إلحاحى، فأشار علىّ - وهو مازال مغمضا عينيه - أن اتحول لأمى لتقضى لى ما أريد
ولكنى أريده هو ... إن الأمر يخصه... وازدادت دقات قلبى اضطرابا... ثم ناديته بنبره لا تخلو من الانزعاج ، وفتح عينيه ثم حرك رأسه بسرعه ينفض عنها النوم ونظر إلىّ فى هدوء قائلا : نعم
وأجبت مترداد : بابا
هو : نعم ! ! فقلت وكأنى أسكب جميع ما فى الإناء دفعة واحدة : لقد أخذت مفتاح السيارة - ولم أترك له الفرصة ليندهش ، فواصلت بسرعة - وقـٌدتها وصدمت بها سياره أخرى
ومرّت لحظات كأنها الدهر ، ثم إذا به يسند رأسه إلى الخاف ويغمض عينيه لحظات ثم يفركهما بيديه، حيث بدا لى أنه قد استوعب تماما ما حدث .. ولم ينبس ببنت شفه ، بل قام فى هدوء واتجه نحو الحمام ليغسل وجهه بسرعه ثم عاد إلى الحجره يرتدى ملابسه، بينما جلست أنا متهالكا فى احد الكراسى مطرقا رأسى واضعا إياها بين كلتا يدي
وأحسّت أمى بشئ ما غير عادى ، فهرولت نحو أبى تسأل عن الأمر، فأجاب أبى : لا شئ ، ولكنها عادت لتلحّ فى السؤال، موجهه الكلام نحوى ، فلم تتلق منى جوابا ، ورفعت رأسي بيدها لتجدنى فى نوبة بكاء شديد ، فزاد اضطرابها ولكن ابى أسرع فطمأنها بعبارة سريعة
ولمحت أبى يضع فى جيب سترته دفتر الشيكات ، وخرج وأمى تمطره بوابل من الأشئله، ثم جاء ووقف إلى جوارى ثم سألنى بهدوء شديد : هل أصيب أحد ؟ فأجبته بهزه نفى من رأسى
وحينئذ لف ذراعه حولى وانحنى عليّ يقبلنى وهو يقول : لا تخف
ولن يستطيع أحد أن يتخيل وقع هذه الكلمة عليّ فى تلك اللحظة بالذات ، فلم اشعر براحة وطمأنينة فى شتى مواقف حياتى قدر شعورى بها فى ذلك الموقف ، لا سيما وأن الذى يقولها هو من سيدفع ! ! ... وبالتالى فلو كنت قد سمعتها من أى عابر سبيل فى موقع الحادث لما كنت قد اكترثت ، أو سرت فى بدنى تلك الراحة اللذيذه عندما قالها أبى ، وهو المسئول عن السياره والذى أعفانى من المسئولية وسيدفع ثمن غلطتى ، إنها تذكرنى بعبارة : " الله يحالك " التى يقولها أب إعترافى بعد الاعتراف وهو يضغط على آخر حروفها... معلنا أن الله قد نقل عنى خطيتى ليضعها فوقه هو
ولستم بحاجة لمعرفة بقية القصة فهى غير مهمة لقد مضى أبى إلى هناك وأنهى الأمر مع صاحب السياره الأخرى فى دقائق متعهدا بدفع نفقة الاصلاح تاركا له بطاقته... ولم يعاتبنى ابى قط على تصرفى ذلك ، وعندما سألته أمى عن ذلك قال لها : يكفيه عقابا ما لاقاه فى مسرح الحادث، وهو كفيل بتلقينه الدرس ولما سألتنى أمى بدورها أجبتها : الآن أدركت معنى قول المسيح " لا تخف " ... فإن الكلام أو الوعد يستمد قوته من مصداقية قائله وقدرته ، وكأن وعد السيد المسيح : رصيد متروك لنا نسحب منه كل يوم ، وإن كان شعورى بالراحة والطمأنينة كبيرا عندما سمعتها من أبى ، فكم وكم تكون فرحتى وسرورى متى سمعتها من فم الله نفسه كل يوم ، فقد قيل لنا أنها موجوده فى المتاب المقدس فى صيغ متعدده حوالى 360 مره، وكأن الله يقول لنا كل يوم من أيام السنة " لا تخف " .... حقا كان أبى عظيما

الصراع


لم يكن ما أفعله في تلك القرية هو آمالي وطموحاتي, ولكني لم أجد بدا من إقامة تلك المدرسة في تلك البقعة النائية من أرض أفريقيا, ولم أكن أتوقع النجاح كثيرا لما أفعله ولكنها كانت خطوة في طريق رؤيتي تجاه تلك القرية التي كان حظها من المدنية منعدم تقريبا.منذ عدة أعوام جئت إلى أفريقيا من موطني الأصلي إنجلترا وأنا أحاول أن أقدم محبة المسيح بعدة طرق ولكني كنت دائما أحصد الفشل, في البداية كانت اللغة حائلا من أن يفهمني هؤلاء البسطاء, فبقيت وسطهم أتعلم لغتهم حتى استطعنا أن نتواصل من حيث اللغة بعد وقت وجهد ليس بالقليل.. ولكني اكتشفت أن اللغة لم تكن هي الحائل الوحيد بيننا, فهناك حاجز كبير بيني وبينهم.. كان لديهم كثير من المراسيم الوثنية التي فيها يرقصون حول طوطم القرية طوال الليل حتى ينهكون ويطلبون من ساحرهم أن يصلي إلى الطوطم الذي هو في الواقع اله القرية, ويقدمون مع طلباتهم هداياهم السخية إلى التمثال والتي يحصل عليها الساحر والراقصون معه بالطبع . كانت ديانتهم مجهولة على, فالطوطم هذا لم يكن هو إلههم بل الممثل لذلك الإله وبالتأكيد الله لم يكن هو ألههم , ولكن إذا قلت لهم لنعبد الله لقالوا أننا فعلا نعبده , فمن هو الله؟! أليس هو خالق السماوات والأرض ومدبر كل الاحتياجات لنا ولأولادنا ؟!. ان اله بهذه الصفات هو الذي نعبده بل وصنعنا له هذا الطوطم حتى نستطيع أن نراه ويرانا ونقدم له فروض الولاء والعبادة . والطقوس التي يعبرون بها عن محبتهم لذلك الإله كانت غريبة ولم أستطع أبدا زحزحتهم عنها , وكان الطوطم في منتصف القرية تماما وبجانبه كوخ الساحر الذي ما أن يلبس قناعه ويبدأ في رقصه بعد أن يبدأ مساعده في الدق على الطبلة الضخمة حتى تبدأ مجموعة من أعوانه في الرقص حول الطوطم وسرعان ما نجد رجال القرية ونساؤها انضموا إلى الركب. وفي الواقع كانت احتياجاتهم التي يطلبونها ويقدمونها إلى الطوطم بسيطة, فمرة يصلون لأجل موسم الأمطار ولم يكن الله يبخل عليهم فطوال وجودي معهم تأتي الأمطار في ميعادها كل عام ولم يتعرضوا للجفاف أبدا , أيضا كانوا يصلون لأجل الحماية من وحوش الغابة , وأيضا لا أذكر إلا حالات بسيطة من الاعتداءات التي فيها اعتدى بعض الحيوانات المفترسة على القبيلة, غير ذلك كان أقصى اعتداء هو اعتداء الثعالب على دجاج أهل القرية. كانوا يصلون لأجل مزروعاتهم البسيطة وزوجاتهم وكانت الأمور تسير بهدوء ويسر , فلا معاناة ولا ضيق. وكنت بالنسبة لهم الرجل الأجنبي ممثل الاستعمار الذي يكرهونه جدا, فكيف يسمعون ويصدقون مني عن اله يحبهم ويموت لأجل خطاياهم.حينئذ فكرت بالمدرسة, قلت لنفسي أنه ربما اجتذبت المدرسة بعض الأطفال الذين يمكن أن أبدأ بهم نواة الكنيسة الصغيرة.ويبدوا أن فكرة المدرسة ضايقت ساحرهم جدا, إذ أنه كان يتجاهل وجودي تمتما في البداية , وعندما بدأت في بناء كوخي الضخم استعدادا للمدرسة جاء إلى وسألني . - ماذا تفعل؟ - كوخ كبير.- لماذا؟ , هل ضاق بك كوخك؟ - لا, بل أنني أرغب في بناء مدرسة لأولادكم. - ومن قال لك أننا نريد أن نعلم أولادنا من غربي - أني لن أجبر أحدا, ولكني سأعلن أن في هذا المكان مدرسة لمن يرغب في تعليم أولاده . فصرخ في غضب- اللعنة عليك أيها الغربي, نحن لا نريد مدرستك ولا تعاليمك الفاسدة, ولن يدخل هذه المدرسة أحد من أولادناوأخذ يسب ويلعن فعرفت أن الصراع سيكون بيني وبين هذا الرجل على أشده, ولكني لأم أنهزم فأخذت أسعى لإكمال البناء بينما أخذ الساحر يدق الطبول كي يجمع القرية من حوله يحذرهم من ذلك البناء. . ***والآن ها قد تم البناء، والبناء دون دارسين لا معنى له، فقمت بدوري لزيارة أهل القرية بيت… بيت، وأشرح فكرة المدرسة وأنا أعد نفسي لحرب قاسية، ولكن لا أستطيع أن أقول أني انهزمت إذ استطعت أن أجمع بضعة أولاد قلائل وشرعت في تعليمهم القراءة والكتابة. مما أثار حنق الساحر على الرغم من قلة الأولاد.***والساحر هو العمود الفقري لتلك القرية التي لم تنل من المدنية ولا حتى الشيء اليسير, فهي بدون كهرباء, ولا أي أجهزة أخرى, بل كل شئ على ما كانت عليه منذ ثلاث آلاف سنة .. فإذا كانت هناك سيدة عاقر ذهبت إلى الساحر بالهدايا المطلوبة فيصلي ويرقص أمام الطوطم ويعطيها من الأعشاب الطبية بعض الأشياء التي كثيراً ما تكون ذا منفعة. وإذا أراد رجل أن يتزوج أو يشتري بقرة فيذهب إلى الساحر الذي هو الملجأ ورجل المشورة ورجل القانون ومنفذ الأحكام .. كان الساحر كل شئ وعلى دراية بأي شئ.. ويبدوا أن الساحر فهم أنني أتيت لأنزع عنه هذا الصولجان فكرهني من أول تعامل على الرغم من أنني سلكت بالحكمة فلم أبشر بمسيحي بأسلوب مباشر بل أنني أعتقد أنني لم أتفوه باسم المسيح طوال سنتين كنت خلالها أراقب الناس وأتعلم العادات التي لدى أهل القرية وأعرف احتياجاتهم. ومع ذلك لم أفهم الكثير ولكني عرفت لغتهم ويبدوا أن الساحر بدوره كان ينظر إلي ويراقبني. كان يريد أن يعرف هوية ذلك الأجنبي وماذا يريد في البلدة. عندما جئت إلى القرية كنت قد جئت كراع لمجموعة من المهندسين والعمل الذين يبحثون عن البترول على الساحل النيجيري القريب من تلك القرية .. مكث هذا الفوج بضعة أعوام كنت أمارس مهنتي خلالها ثم أتجول بعد هذا في القرى المحيطة..أحيانا بدافع حب الاستطلاع وأحيانا أخرى محاولا أن أفهمهم وعندما بدأت اختلط بالناس بصورة جدية وضع الرب في قلبي محبة لهؤلاء الناس وإشفاقًاً على جهلهم ومن ثم بدأت محاولة الخدمة داخل هذه القرية القريبة من عملي الأساسي، لذلك لم أرحل مع الراحلين من الفوج ولكني بنيت كوخ لنفس وسكنت كضيف بالقرب من حدود القرية. في البداية كنت ضيف غير مرغوب فيه، وبعد فترة من الوقت تحولت إلى ضيف اعتادوا وجوده. كنت ضيف عديم الهوية فهم يعرفون معنى مهندس ومعنى الطبيب. ولكن لا أنا مهندس ولا طبيب، وإذا قلت لهم أني مرسل فسيطردونني حتما سواء فهموا معنى الكلمة أم لا. وإذا طردت فلن أستطيع تبشيرهم وتوصيل رسالتي لهم. وأخذت أتأمل في احتياجاتهم التي من خلالها أستطيع أن أحدد هويتي حتى وصلت في النهاية إلى فكرة بناء المدرسة لأصير بالنسبة لهم معلماً.. وبعد مرور ستة أشهر من بدء العمل بالمدرسة جاءني ولد وقال - تقول أن الله هو خالقنا- بالتأكيد - وتقول أنني عندما أصلي له يسمعني- نعم - أنا أم ساحر القرية- ماذا تقصد ؟- هل أذهب أنا إلى الله أم أدع الساحر يذهب ليصلي نيابة عني - بل أنت.. الله يحبك أنت ويريد أن يسمعك أنت، وهو يود لو تأتي أنت إليه.- ولكني لا أعرف كيف أقدم التسابيح لله.. لا أعرف طريقة الرقص أو طريقة قرع الطبول فلم أكن في يوم من الأيام أحد معاوني الساحر من قبل.. والساحر هو الذي يوجه عملية الرقص هو وأعوانه. ابتسمت وقلت - ليس بالضرورة انك عندما تأتي إلى الرب أن تأتي إليه بدف ورقص. وبدا كل شئ أمامي صعب, وقتها عرفت أنه ينبغي أن أوجه قوى الظلمة المتمثلة في الساحر وجها لوجه.. وكفاني قعوداً. يومها لجأت إلى الله في الصلاة وسألته قائلاً" يا رب .. هل حان الوقت؟!.. وقت الصراع والتصدي للشر المتمثل في الساحر ؟ هل حان الوقت لأكشف أوراقي وأكشف محبتك وأكشف صليبك؟!وكان الرد المنبعث من داخلي "نعم اذهب.. أما أمرتك ليتشدد وليتشجع قلبك فلا ترهب ولا ترتعب لأني أنا الرب إلهك معك حيثما تذهب كنت أخاف كثيراً من هذا اليوم رغم ثقتي من أنه آت لا محالة, ولكني أيضا بدأت من خلال المدرسة. وبدأت بالهجوم المباشر قائلاً للأولاد- يا أولاد .. هذا الطوطم الذي ترقصون حوله ليس له أي فائدة والله هو إله السماوات والأرض. خالق كل شئ فينبغي أن تسجد له وتطيعه وتبعد عن الخرافات.. والله أرسل ابنه يسوع المسيح كي يربط الإنسان بالسماء. ولم أكمل كلامي.. نظر الأولاد إلى وتركوا المدرسة في صمت، وقلت في نفسي من جديد - هل أخطأت التوقيت ؟! لم أعرف ولكن بداخلي صوت مشجع يقول لي لا تخف، خرجت من المدرسة لأجد كثير من الأهالي تركوا مزارعهم في الصباح واجتمعوا في وسط القرية حيث الساحر والطوطم المقدس. الساحر خرج بقناعة السخيف يرقص وعلا صوت الطبلة مما أدى إلى اجتماع المزيد والمزيد من الأهالي. وفي هدوء اقتربت من المكان حيث كان الأهالي ينظرون إلى الساحر وينظرون إلي. وما أن اجتمع الجميع حتى صرخ الساحر بصوت عظيم.- أيها العدو الملعون.. لتلعنك الأرواح، ألهنا العظيم إله القبيلة ولإله هذا الطوطم الذي أنت احتقرته وأهنته سوف يدمر مدرستك هذا المساء. لم أصدق أننا في منتصف القرن العشرين بل ظننت أن الزمن عاد إلى الوراء أكثر من ألف عام, وأخذت طبلة مساعد الساحر تدق دقات رتيبة مخيفة وأنا أنظر إليه في دهشة لتلك الثقة التي يتكلم بها.. وفجأة تغيرت السماء التي كانت صافية وحلت على المكان عاصفة شديدة والطبلة تزيد من دقاتها, فبدأ البرق والرعد ينبئان عن خطر داهم……يبدوا أنني لم أعط هذا الساحر حقه، فهو بحق عميل لقوى الشر, ورأيت ابتسامة أهل القرية الساخرة تستقبلني وهم ينتظرون أن يروا المدرسة وهي تحترق. ثم بدأ الساحر يرقص حول الطوطم وأعوانه انضموا إليه وكذلك أهل القرية مترنمين بكلمات لم افهمها. ورجعت إلى المدرسة التي تنبأ الساحر بدمارها ومددت يدي لأحمل الكتاب المقدس وأنا أشعر بالهزيمة.. ولكن رن في داخلي صوت يقول " أنا أنا هو الله وليس آخر " وتخيلت أبليا الذي تحدى قوات الشر وانتصر.. بسرعة تكلم الله في داخلي وذكرني بوعود ووعود كثيرة, لقد سبق أن انتصر الله في معركة حاسمة هي معركة الصليب فكيف أنهزم أنا؟.. خرجت وأنا أحمل الكتاب المقدس لأعلى واقتربت من مجتمع الراقصين وصرخت وسط المطر- استمع أيها الساحرولكن ضاعت كلماتي وسط الرقصات وصرخات الطبول، فاتجهت إلى الطبلة وحاملها بقدمي زحت الطبلة عن موقعها بين ساقي الرجل الذي يدقها فتوقف عن الدق في دهشة وبالتالي توقف الرقص لينظر الجميع إلي في دهشة وغضب.. وقبل أن يتحول الغضب إلى فعل غاضب بصوت جهوري قلت موجهاً كلامي للساحر- الإله الذي أعبده هو الذي سيضرب طوطمك بالبرق تلك الليلة. لتستمر الأمطار وليستمر البرق, ولكن على رأسك أنت أيها الشريرفخلع الساحر قناعه بعصبية وقال- لنر أيها الأجنبي.. مدرستك ستنهار وسأحرقك بيدي أمام الجميع إن لم ترحل من بعدها ولن أبالي بدولتك التي تحتمي بها..- حاميني هو الرب إله السماء والأرض والمطر والسحاب والبرق.. وحسناً تقول.. إذا كان طوطمك هو الرب فاعبدوه..وتحولت عنه ورجعت إلى المدرسة. ولكني لم أصل إلى المدرسة فلقد اشتدت الرياح كثيرا وصاعقة أضاءت المكان من حولي, وشعرت بنار تضئ من خلفي, ونظرت ورأيت الطوطم الذي يعبدونه وقد صار كتلة من اللهب وسط صرخات الناس المذعورة وهي تهرب من جانب هذا الوثن. ***ومثلما بدأ الصراع سريعا انتهى سريعا أيضا. وبدأت في القرية خدمة مباركة وتحولت المدرسة إلي كنيسة كبيرة. إن قوى الشيطان تنهزم حين نسير مع الله. لا ينبغي أن نخاف البتة فإبليس وقواته لا يمكن أن يجاروا الله أو يباروه.

احبك يا ابى...فلماذا تضربنى


بينما كان الأب يقوم بتلميع سيارته الجديدة إذا بالابن ذو الأربع سنوات يلتقط حجراً، ويقوم بعمل خدوش على جانب السيارة وفي قمة غضبه... إذا بالأب يأخذ بيد ابنه ويضربه عليها عدة مرات بدون أن يشعر أنه كان يستخدم "مفتاح انجليزي" (مفك يستخدمه عادة السباكين في فك وربط المواسير) مما أدى إلى بتر أصابع الابن في المستشفى. كان الابن يسأل الأب متى سوف تنموا أصابعي؟ وكان الأب في غاية الألم!! عاد الأب إلى السيارة، وبدأ يركلها عدة مرات، وعند جلوسه على الأرض، نظر إلى الخدوش التي أحدثها الابن فوجده قد كتب:."أنا أحبك يا أبي"...صديقي عندما قرأت هذه القصة تأثرت منها جداً وتعلمت أن ردود الأفعال وتصرفات الآخرين ولا سيما الأطفال تختلف من شخص لآخر.. منهم مَنْ يعبر عن حبه بطريقة خطأ .. لكن في الحقيقة هو يحب منهم مَنْ يتصرف بطرق خطأ.. لكنه من داخله يتمنى الخير. منهم مَنْ يحاول أن يرسل لنا معنى جميل ولكن بتصرف خطأ. كثيراً ما نترجم تصرفات الآخرين من الظاهر فنظن بهم السوء.. بل ونحكم عليهم ونظلمهم ونغضب منهم.. ونرجع نندم على ردود أفعالنا عندما نستوعب الأمور.. لكن بعد جرحهم بكلماتنا وتصرفاتنا. صديقي .. تعالى نتعلم سوياً أن نتأنى في الحكم على الآخرين. تعالى نصلى أولاً.. ونطلب حكمة من الرب وتمييز بالروح القدس لتصرفات الآخرين نحونا. فإذا كنت شخص متسرع في غضبك صلى معي هذه الصلاة: يارب.. أريد حكمة الروح القدس أن ترشدني قبل أن أتسرع في حكمي على الآخرين. علمني يارب أن أكون حليماً مثلك فأنت لم تستعمل العنف أبداً حتى مع من صلبوك ولطموك وأهانوك. يارب علمني أناتك وتواضعك علمني أن أظهر المحبة للآخرين ولأطفالي أيضاً فكثيرً ما نعامل الأطفال بجفاء وغضب ولوم لكل كلامهم وتصرفاتهم وننسى أنهم صغار لا يدركون الشر.. علمنا يارب الرحمة بالصغار وبالآخرين أيضاً

لن أخاف مادمت حبيبي


كأن هناك زوجين ربطت بينهما علاقة الحب والصداقة فكل منهما لا يجد سعادته وراحته إلا بقرب الآخر إلا أنهما على الرغم من ذلك مختلفين تماماً في الطباع والمذاج فالرجل هاديء الطبع جداً .. لا يُثار و لا يغضب حتى في أصعب الظروف وعلى العكس تماماً .. فزوجته حادة الطبع تثور وتغضب وتضطرب لأقل الأمور وذات يومٍ قضت الظروف أن يسافر كليهما معاً في رحلة بحرية أمضت السفينة عدة أيام في البحر .. وبعدها ثارت عاصفة رهيبة كادت العاصفة أن تودي بالسفينة .. فالرياح مضادة والأمواج هائجة امتلأت السفينة بالمياه وانتشر الزعر والخوف بين كل الركاب حتى قائد السفينة نفسه لم يخفي على الركاب أنهم في خطر حقيقي وأن فرصة النجاة من الموت تحتاج إلى معجزة من الله لم تتمالك الزوجة أعصابها حينما سمعت تلك الكلمات وشعرت بالخطر الحقيقي فأخذت تصرخ في زعر .. لا تعلم ماذا تصنع وسط ثورتها ذهبت وهي تسرع بخطواتها نحو زوجها لعلها تجد عنده فكرة أو حل للنجاة من هذا الموت المحقق كان جميع الركاب في حالة من الهياج الشديد ولكنها فوجئت بالزوج كعادته جالساً هادئاً وكأن شيئأً لم يحدث فازدادت غضباً وسخطاً واتهمته بالبرود واللامبالاه نظر إليها الزوج نظرة ثاقبة .. وبوجه عابث .. وأعين غاضبة استل خنجره المسنون ذو الحدين وأسرع ليدفعه نحو صدرها وحينما أصبح سلاح الخنجر ملامساً لجسدها قال لها بكل جدية وبصوت حاد ألا تخافين من هذا الخنجر ؟نظرت إليه وقد ارتسمت الابتسامة على وجهها وقالت بالتأكيد لا فقال لها لماذا ؟ فقالت .. لأن هذا الخنجر ممسوك في يد حبيبي فابتسم هو الآخر وقال لها وهكذا أيضاً .. كذلك هذا البحر وهذه الأمواج الهائجة ممسوكة بيد حبيبي فلماذا الخوف إن كان هو المسيطر على كل الأمور ؟

صديقي هل أتعبتك أمواج الحياة ؟ هل عصفت بك الرياح وصارت مضادة لك لتحطم كل ما هو جميل في حياتك ؟هل توقعت أن نهايتك وشيكة بفعل هذه الرياح ؟ لا تخف فالله يحبك ..وهو الذي لديه القدرة والسلطان على كل ريح عاصفة قد يتبادر إلى ذهنك الآن سؤال وتقول ما دام الله يحبني فلماذا يسمح لي بالألم ؟ لماذا يسمح للرياح أن تعصف بحياتي وتدمر أجمل ما فيها ؟ لا تخف هو يعرفك أكثر مما تعرف أنت نفسك هو يكشف مستقبلك الذي لا تعلم أنت عنه شيء هو يرتب لك الأفضل رغم أنك لن تدرك ذلك الآن أريد أن أسألك فقط سؤال واحد يا ..هل تحب الله ؟ إن كنت تحبه .. فثق تماماً فيما وعدك به الوعد لكل من يحب الرب يقول كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الرب كل الظروف .. كل الأحداث .. كل المواقف .. كل المشاكل .. كل الصعوبات تجتمع معاً .. وتمتذج بشكل عجيب .. وتنتج شيئاً جديدا ًشيء لن تتوقعه على الإطلاق إنها خطة الله الرائعة لحياتك فهل تشكر الرب عليها ..هل تخضع ليده القوية التي تمسك بزمام الأمور لتعد لك مستقبل أفضل ؟

لم يأتي كي يديننا


كان في إحدى المدن إمرأة عجوز في ضيقة مادية كبيرة، صعب عليها شراء ما تحتاج إليه لسد جوعها. سمع خبرها رجل طيب القلب وتأثر لحالها، فقرر مساعدتها. سأل هذا الرجل الطيب القلب، عن تلك العجوز الفقيرة، وجاء ذات يوم إلى منزلها، وأخذ يقرع الباب، ولكن لم يكن من مجيب، ولما طال إنتظاره وهو يقرع الباب، ظن بأن هذه المرأة العجوز ليست في المنزل. مرة فترة من الزمن على تلك الحال، وهذا الإنسان منزعج، إذ لم يستطع مساعدة هذه العجوز الفقيرة. لكن في ذات يوم، التقى بتلك العجوز، لدى لقاءه بها، أخبرها بأنه قصد بيتها عدة مرات، لكي يسد إعوازها، ولكنه في كل مرة، كان يقف خارجا وهو يطرق الباب وليس من مجيب. لدى سماع هذه العجوز ما كان يفعله هذا الرجل، صاحت قائلة، هل أنت هو الرجل الذي كان يقف خارجا ويطرق الباب؟ أجابها نعم...! أجابته، لقد ظننت في كل مرة بأنك صاحب البيت، وأنك قادم لتطالبني بالإيجار. وإذ لم يكن لي مال لأوفي، خفت أن أفتح الباب.
صديقي، إن ما فعلته هذه العجوز بهذا الرجل الطيب الذي أراد مساعدتها، والإحسان إليها، وسد عوزها، يفعله الكثيرون من الناس مع الله . فعندما يقرع الله على أبواب قلوبهم، يحسبونه آتيا ليطالبهم بشيء، ولكن حسابهم خطاء، فإن الله إنما يأتي لكي يعطي... لقد كتب أحد المرنمين هذه الكلمات لم يأتي كي يديننا، لم يأتي كي يلوم. بل جاء لفدائنا وأنقذ الملوم. إن اسمه يسوع، إن اسمه يسوع، إن اسمه يسوع ذا المخلص العظيم. لم يأتي الرب يسوع إلى عالمنا فقط، ليعلمنا تعاليم سامية ورفيعة، مع أنه علَّم. ولم يأتي فقط لشفاء المرضى والعمي والعرج مع أنه شفى الألوف ويشفي حتى في أيامنا هذه. ولم يأتي ليؤسس ملكا أرضيا وليجمع وراءه المئات والألوف، مع أنه ملك الملوك ورب الأرباب وهو إبن الله من الأزل والى الأبد، وهناك مئات بل ألوف الملايين الذين يتبعونه. لكنه جاء، وبحسب قول الملاك للرعاة: لا تخافوا . فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الرب. لقد جاء ليعطي الخلاص مجانا... نعم ليعطي وليسدد دين خطاياك وخطاياي... لان ابن الانسان قد جاء لكي يخلّص ما قد هلك. إنه لا يطالبك بما عليك من دين بل يزورك ليسدد ديونك... فهل ستفتح له قلبك ..

لا تدينوا كي لا تدانوا


سافر الفلاح من قريته إلى المركز ليبيع الزبد التي تصنعه زوجته وكانت كل قطعة على شكل كرة كبيرة تزن كل منها كيلو جراما.
باع الفلاح الزبد للبقال واشترى منه ما يحتاجه من سكر وزيت وشاي ثم عاد إلى قريته.
أما البقال .. فبدأ يرص الزبد في الثلاجة .. فخطر بباله أن يزن قطعة .. وإذ به يكتشف أنها تزن 900 جراما فقط .. ووزن الثانية فوجدها مثلها .. وكذلك كل الزبد الذي أحضره الفلاح !
في الإسبوع التالي .. حضر الفلاح كالمعتاد ليبيع الزبد .. فاستقبله البقال بصوت عال ٍ: "أنا لن أتعامل معك مرة أخرى .. فأنت رجل غشاش .. فكل قطع الزبد التي بعتها لي تزن 900 جراما فقط .. وأنت حاسبتني على كيلو جراما كاملا!".
هز الفلاح رأسه بأسى وقال:"لا تسىء الظن بي .. فنحن أناس فقراء .. ولا نمتلك وزن الكيلو جراما .. فأنا عندما أخذ منك كيلو السكر أضعه على كفة .. وأزن الزبد في الكفة الأخرى..!".
لا تدينوا كي لا تدانوا .. وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم..!

هل تصغى


منذ سنين مضت، كان التلغراف أسرع وسيلة معروفة للاتصال للمسافات البعيدة ،ومع تزايد إستخدامه، وضعت إحدى الشركات إعلان في الجريدة، تبحث فيه عن موظف ليعمل على جهاز، لنقل التلغرافات، بموجب الإشارات المعروفة Morris Code. تقدم شاب صغير السن، لهذا العمل، بناء على الإعلان الذي وضعته هذه الشركة فى الجريدة . ذهب هذا الشاب الى العنوان المذكور، وعندما وصل إليه، دخل، فوجد مكتبا كبيرا مملؤاً بالضجيج والصخب، ومن ضمنها صوت التلغراف في الخلفية. لدى دخول هذا الشاب وجد إعلانا يقول: بأن على المتقدمين للوظيفة ملء الاستمارة الخاصة بالوظيفة، ثم الانتظار حتى يُطلب منهم الدخول الى المكتب الداخلي لإجراء المقابلة.ملأ الشاب الصغير الاستمارة وجلس مع المتقدمين السبعة الآخرين للوظيفة في مكان الانتظار، لكن، وبعد دقائق إذا بالشاب يقف ثم يعبر الغرفة، وإذ به يدخل المكتب الداخلي. ومن الطبيعي انتبه المتقدمين الآخرين لما حصل، متسائلين عما يحدث؟ . ثم تمتموا فيما بينهم قائلين أنهم بالتأكيد لم يسمعوا أحدا يستدعيهم ، وافترضوا أن الشاب الصغير بدخوله المكتب الداخلي بهذه الطريقة قد ارتكب خطأ جسيما سيرفض بسببه من الوظيفةلم يمضي الكثير من الوقت، حتى خرج هذا الشاب من المكتب الداخلي، مبتسما وبرفقة الموظف المسؤول عن التوظيف، ثم خاطب المسؤول باقي المتقدمين للوظيفة المنتظرين فى مكان الانتظار وقال لهم : "شكرا أيها السادة من أجل مجيئكم ولكن الوظيفة قد شُغلت حالاً " تذمر باقى المتقدمين للوظيفة فيما بينهم، ثم تكلم واحد منهم مع المسؤول وقال " من فضلك يا سيدي ، أنا لا أستطيع أن أفهم . أن هذا الشاب هو آخر من جاء الى هنا . ونحن لم يتقابل معنا أحد ولم نأخذ فرصة حتى لاختبارنا. ومع ذلك أخذ هو الوظيفة، وهذا غير عادل " .أجاب الموظف " أنا آسف يا سادة ، ولكن طيلة الوقت وأنتم جالسين هنا ، فإن التلغراف يتكتك رسالة متكررة بإشارات موريس تقول :إذا كنت تفهم هذه الرسالة ، تقدم للداخل والوظيفة لك ... إذا كنت تفهم هذه الرسالة ، تقدم للداخل والوظيفة لك... والمؤسف، هو بإنه لم يسمع أحدا منكم تلك الرسالة أو فهمها، ولكن هذا الشاب عندما أتى، فهم الرسالة وجاء للداخل، فصارت الوظيفة له".نحن نعيش فى عالم مزدحم مملوء بالضجيج مثل هذا المكتب، فإن الناس أصبحوا حيارى ولم يعودوا يستطيعون أن يسمعوا صوت الله الرقيق الهادئ ، إنه يتكلم فى الخليقة، إذ قدرته السرمدية معلنة بالمصنوعات، يتكلم فى الأسفار المقدسة، تكلم الينا عندما أرسل إبنه الوحيد ليعلن لنا محبته، يتكلم الينا في عنايته وبركاته علينا... فهل التفت لصوت الله عندما كلمك؟ ، وهل أنت مصغ له ؟ وهو يقول لك "هذا هو إبنى الحبيب .. له اسمعوا
عبير فرنسيس

مش عارفة أموت إزاي


صبية في عمر الزهور، أُصيبت بمرض عضّال· ولأنها حادة الذكاء أدركت أن مرضها خطير،ليس له شفاء ولن ينفع معه طب أو دواء· ومن خلال كميات الأدوية التي كانت تتناولها، وتعليقات الأطباء التي كانت تسمعها، فهمت أن وقت رحيلها من الدنيا قد حان· وتذكرت يوم أن مات جدها، حيث حملته سيارة في رحلة اكتنفها الغموض، ولم يَعُد العجوز من يومها· وجال بخاطرالصغيرة سؤال استولى على مشاعرها وكيانها، لم تجد إجابة له في كتاب حياتها الصغير رغم ما اكتسبته من خبرات مدرسية، ولا من خلال رحلاتها الكثيرة خارجية أو داخلية جوية كانت أو بحرية، مع أسرتها المرفهة الغنية· والسؤال هو: أين ذهب جدها العجوز؟ وهل سيعود؟ وحدث ذات ليلة، وبعد أن أفاقت من غيبوبة داهمتها، فتحت عينيها، وكان إلى جوارها أبويها، إنفجرت الصبية في بكاء هستيري عنيف، وكلما حاولا تهدئتها، إزدادت نحيبًا وصراخًا، ولما هدأت،سألوها عن سر هذا البكاء· أجابت: "رأيت نفقًا طويلاً مظلمًا وضيقًا، آه·· إني اختنقت"· ثم نظرت لأبيها، نظرة تحمل معاني الحزن والأسى، وبعينين غائرتين صغيرتين، وكأنهما تنظران إلى بعيد قالت لأبيها: "أنا زعلانة منك يا دادي"·· فأنزعج الأب وهو غير مصدق قائلاً:"أنا يا نور عين دادي·· وأنا الذي لم أقصِّر معك في شيء، فأنا علّمتك في أرقى المدارس الأجنبية، ودرّبتك عند أشهر أساتذة الموسيقى والسباحة والفروسية، ودفعت لك آلاف الدولارات اشتراكات النوادي والألعاب الرياضية"· قاطعته الأم قائلة: "أما عن ملابسك فهي أشيك الملابس المستوردة، وعلى أحدث خطوط الأزياء العالمية"· وقبل أن تخوض الأم في حديث طويل عن طعامها وشرابها وألعابها، صرخت الفتاة وهي تقول:"أرجوكم·· كفّوا·· لقد كان اهتمامكم بالخارج فقط، لكن ماذا فعلتم لنفسي وروحي··يا بابا أنا باموت ومش عارفة أموت إزاي·· لكل لعبة ولكل جهاز كتالوج خاص به لمعرفة طريقة تشغيله،أما أنا فأين الكتالوج الخاص بي، أين سأذهب بعد أن أموت؟ ومن يعبر بي ذلك النفق الضيق المظلم؟ لقد انصبّ اهتمامكم بطعامي وشرابي في حاضري، لكن ماذا عن مستقبلي؟"· فأجاب الأب: "لا يا بُنيتي هذا عملت حسابه أيضًا ·· لا تخافي"· ثم قام وأحضر أوراقًا وهو يشعل سيجارًا،قائلاً: "هذا يضمن لك مستقبلك: مليون دولار في البنك"· فصرخت الفتاة وهي تقول: "فلتذهب المليون دولار لمن يرحمني من العذاب والنار، ويجيب حيرتي، ويفك غوامض هذا السؤال: أنا راحلة! لكن إلى أين؟ ومع مَن؟ وكيف أعبر النفق المظلم وحدي؟"·ولأول مرة يشعر الأب بالعجز، وعدم قدرته أن يفعل لابنته شيئًا، رغم أنه رجل أعمال من الطراز الأول،وعنده الكثير من الأصحاب الأغنياء والمشهورين· ساد الغرفة صمت شديد، وبعدها دخلت الفتاة في نوبةأخرى لم تستفق بعدها أبدًا!

عزيزتي القارئة وعزيزي القارئ·ما أتعس الإنسان الذي طريقه إلى الأبدية مجهول ومسدود··ما أشقاه ذلك الذي ليس عنده نور للحياة والخلود··ولم يتعرف بعد على المسيح المحب الودود·· فالمسيح وحده هو الذي: بمـوته أبـاد ذاك الذي لـه سلطـان الـموت (عبرانيين2: 14)،وبقيامته نقض أوجاع الموت (أعمال2: 24)،بل ونزع شوكته (1كورنثوس15: 55)،وغيّر مفهومه، إذ صار الموت راحة ونومًا للمؤمنين (يوحنا11: 11)،بل وجعل الموت الذي هو خسارة ربحًا (فيلبي1: 21)·لقد أبطل المسيح الموت (2تيموثاوس1: 10)، وكأن الموت قنبلة موقوتة تنفجر في أية لحظة، لكن بموته أبطل مفعولها ونزع فتيلها، وصرنا في أمان تام·والذي آمن قلبيًا بالمسيح، لا ينتظر الموت بل ينتظر مجيء المسيح، أما إن كانت مشيئته أن نموت فيقينًا سيضمّنا إلى صدره (1تسالونيكي 4: 14) لنكون معه، وحتمًا لن نرى شبح ذلك النفق الضيق والمظلم، بل سنرى المسيح، الذي له كل المجد
 

website traffic counters
Dell Computers