اغتاظ الوالي الوثني إذ رأى شماسًا شابًا يسند كثير من المعترفين على احتمال الآلام من أجل إيمانهم بالسيد المسيح. أراد الوالي أن ينكل به، وإذ عرف أن الشماس محب للقراءة في الكتاب المقدس والكتب الكنسية أصدر أمره بفقء عينيه. وقام الجند بذلك في قسوة وبتشفٍ، ظانين أنه حتمًا ستتحطم نفسية الشماس. بعد قليل التقى الوالي بالشماس فوجده متهللاً بالروح، فتعجب جدًا. وإذ دخل معه في حوار قال له الشماس: "إنني لست أعرف كيف أشكرك! كنت أقرأ بعينيّ لعلّي أتعرَّف بالأكثر عن أسرار إلهي، وها أنت فقأت عينيّ فوهبني إلهي بصيرة داخلية. الآن أقرأ الكثير بعينيّ قلبي! عوض العينان الجسديتان أتمتع الآن بعينين روحيَّتين! لقد عرفت الكثير وتمتعت بأمورٍ سماوية لم يكن ممكنًا للكتب أن تكشفها لي!" دُهش الوالي، وصار يتساءل: ماذا أفعل بهذا الشماس؟ فقأت عينيه فرأى بقلبه الأمور التي لا تُرى! أرسلته إلي الحبس فحوَّله إلى سماء مملوءة فرحًا وبهجة وتسبيحًا. إن عذبته يفرح لأنه يشارك مسيحه آلامه.إن قتلته يُسر بالأكثر لأنه مشتاق أن يرى إلهه... تُرى ماذا أفعل؟"
فرِّح قلبي بك ، إذ أقتنيك اقتني الفرح الحق، ليس من يستطيع أن ينزعه مني. بك تتهلل نفسي يا شهوة قلبي! ماذا يستطيع العالم أن يفعل بي؟ في مرضي أرى يدك الشافية لنفسي، وفي آلامي أدخل في حوار معك أيها المتألم! إن حُرمت حتى من بصيرة الجسد، تهبني بصيرة الروح فأراك! إن اقترب إليّ الموت تنفتح أمامي أبواب الفردوس! إن حرمني العالم من خيراته، أقتنيك يا غِنى نفسي! بك يكمل فرحي. أتطلع إلى الماضي فأراك تحوِّل أخطائي لخيري، وأنظر إلى الحاضر فأجدك في أحضاني، وأترقب المستقبل بتهليل إذ أنت قادم إليّ حتمًا!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق