بحث مخصص

2008-06-26

الطائر الطنان


إذ جلست ثناء بجوار ابنتها في حديقة المنزل الخلفية، سألتها ابنتها: "لماذا قداسنا يبلغ حوالي الساعتين يا أمّاه؟ أجابتها ثناء: "إذ نشعر أن الكنيسة هي بيتنا نودّ أن نقضي ساعات طويلة فيها، وإذ هي أيقونة للسماء نتدرب كيف نعيش كملائكة اللََّه نسبح اللََّه على الدوام" ، سألت الطفلة والدتها: "أتظنين أننا سنصير كملائكة اللََّه في السماء؟"أجابت ثناء: "هذا وعد إلهي! ونحن هنا في العالم كمن في مدرسة، إما نتشبه بالملائكة لنصير في صحبتهم أو بغير الملائكة فلا يكون لنا نصيب معهم!" ، بينما كان الاثنان يتحاوران عن كيف يصير المؤمن ملاكًا إذ بطائر أمريكي جميل يدعى الطنّان يقترب منهما وهو يتنقل بين الزهور ويعطي صوتًا جميلاً. عندما قالت ثناء: "أتعرفين يا ابنتي قصة الطنّان؟" أجابت الطفلة: "أود أن اسمعها يا أمّاه!"إنها قصة رمزية تكشف كيف نعيش في العالم كمن في مدرسة لنتدرّب إما أن نصير كملائكة اللََّه المسبّحين له أو نحمل صورة عدو الخير بسماته الفاسدة.قيل أن سيدة تدعى مرثا بأمريكا الجنوبية كان لها أربعة بنات: مارجو وسونة وكوثر وماريا. كانت البنات الثلاث كسالي وكانت ألفاظهن جافة، غير مطيعات لوالدتهم، أما الرابعة ماريّا فكانت نشيطة محبة للعمل، رقيقة الطبع، ومطيعة لوالدتها ، إذ كبرت الأم استدعت بناتها الأربع وقالت لهن: "لقد شخت يا بناتي العزيزات، وأيام رحيلي من العالم قد قربت جدًا فلا أعود اعتني بكن. لذا أطلب من كل واحدة منكن أن تمارس عملاً لكي تعشن هنا في حياة لائقة.ها أنتِ يا مارجو عليك بنظافة البيت وإزالة نسيج العنكبوت من الجدران.وأنتِ يا سونة تقومين بكنس الأرضية.وأنتِ يا كوثر تهتمين بنظافة مدخل البيت وتنسيقه.وأخيرًا أنتٍ يا ماريّا تلتزمين بحديقة المنزل".تطلّعت مارجو إلى جدران البيت ونسيج العنكبوت ثم قالت: "كيف أترك النوم اللذيذ وأقضي وقتي وسط التراب وإزالة العنكبوت؟" أمسكت مارجو بحقيبتها وتركت البيت لتبحث عن مكان تضع فيه رأسها لتقضي نهارًا نائمة؟أمسكت سونة بالمكنسة ثم قالت: "هذا ليس عملي، إنني لا أعرف كيف أكنس!" سأسير في الشوارع لعلّي أجد أصدقاء أقضي وقتي معهم عِوض الكنس! تطلّعت كوثر إلى مدخل البيت ثم قالت: "أليس من الأفضل أن أقضي حياتي في اللهو عن التعب في نظافة مدخل البيت وتنسيقه؟!" ثم حملت حقيبتها وتركت البيت.أما ماريّا فانطلقت إلى الحديقة بفرح وسرور، وصارت تهيئ الأرض وهي تترنم وتسبّح اللََّه. زرعت كثير من أنواع الزهور والفواكه والخضروات. وكانت في كل صباح تمجد اللََّه من أجل الزهور الجميلة والفواكه والخضروات ، كانت تقدم من هذه الثمار لوالدتها، وتبيع البعض لتنفق على البيت وهي متهللة.شاخت مرثا جدًا وشعرت أنه لم يبق لها سوى ربما أيام وترحل من العالم، فأرسلت ابنتها الصغر ماريّا إلى أخواتها لكي يحضرن قبل وفاتها.انطلقت ماريّا تبحث عن أخواتها وبعد بحث شديد وجدت الكبرى مارجو تنام تحت ظل شجرة في الغابة القريبة من المدينة. بالكاد أيقظتها وسألتها أن تذهب معها لترى والدتها قبل موتها. أما هي ففي قورة قالت لها: "كيف تُيقظينني؟ إنني نائمة! اذهبي إلى أمي وأخبريها بأنني سأحضر فيما بعد عندما استيقظ". ثم أغمضت عينيها لتقضي اليوم كله نائمة!ذهبت ماريّا إلى أختها سونة فوجدتها تتجوّل في شوارع المدينة تبحث وسط البقايا عن بعض الخبز الجاف أو الأطعمة التي يلقيها الناس لعلّها تشبع من هذه البقايا. طلبت منها ماريّا أن تذهب لترى والدتها فقالت لهاك "هل هذا وقت لرؤية أمي؟ إني جائعة بعدما تشبع بطني من البقايا سأحضر لأراها".والتقت ماريّا بأختها كوثر فوجدتها تنطلق من بيت إلى بيت تقرع الأبواب لعلّها تجد أحدًا يجود عليها بشيء. وإذ سألتها ماريّا أن تذهب معها لرؤية والدتها، أجابتها: "إنه يوم شئوم لم التقِ بعد بإنسانٍ سخي ليُقدم لي إحسانًا. قولي لأمك أنه بعدما أجد من يُحسن عليّ بطعام وأشبع سأذهب لرؤيتها.انطلقت ماريّا إلى والدتها مرثا وهي حزينة جدًا على حال أخواتها الثلاث. وبدأت تروي لوالدتها ما حدث معها. تنهدت الأم جدًا، وسالت الدموع من عينيها وهي تقول: "لقد اختارت مارجو النوم والكسل فلتنم كل نهارها. واختارت سونة التسكّع في الشوارع لتأكل من البقايا، فليكن لها سؤل قلبها، والثالثة كوثر تعيش لتشحذ لعلّها تشبع بإحسانات الناس، تبقى دائمًا تقرع أبواب الغير. أما أنتٍ يا ابنتي فتهتمين بحديقة بيتك فليفرح قلبك بالثمر وتتغنى أعماقك بالتسابيح".انطلقت نفس مرثا وتحققت نبوتها فصارت مارجو بومة تنام طول النهار ولا تعيش إلى إلا في الظلام. وصارت سونة حدأة تعيش على الأكل من وسط القاذورات، وصارت كوثر طائر النقّار woodpecker) يقرع بمنقاره على الخشب على الدوام ليلقط القليل بمنقاره، أما ماريّا فصارت الطائر الطنّان الذي يتنقل بين الزهور وهو يُغنّي ويبعث بالفرح على الآخرين.سمعت الطفلة الصغيرة هذه القصة الرمزية، ثم ركعت تصلّي قائلة:إلهي، أشكرك لأنك تهبني روحك القدوس،يعمل فيّ فلا أكف عن العمل.لا أتسكّع كما في الشوارع، ولا أشحذ من أحد،إنما أرى في العالم كله حديقة ممتعة.أعمل بروحك القدوس، وأنعم بالثمر المتزايد!عطاياك لي بلا حدود!اختبر كل يوم تجديدًا في أعماقي!متى أصير بالحق كملاكٍ سماوي؟

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers