بحث مخصص

2007-11-24

لا يمكن ان تنساني


( تعويم الجنيه ... ارتفاع في الأسعار .... الجنيه يغرق بسبب الدولار.... السياحة تقل بسبب الحرب على العراق ... )
كانت هذه هي عناوين الأخبار التي قرأتها في جريدة الأهرام في بداية هذا اليوم الكئيب وكنت أشعر بالضيق والمرارة والحزن ، فالأحوال من سيئ إلى أسوأ ، بداية من تعويم الجنية إلى ارتفاع قيمة الدولار ، إلى الحرب اللعينة التي يشنها بوش ( الله يسامحه ) على العراق ، والتي بسببها قلت السياحة بسبب الخوف من الحرب وطبعا قفزت الأسعار قفزة هائلة و.......
" بابا عايز المصروف "
قالها لي ابني ذو الـ17عاما بابتسامة كبيرة ، تمالكت نفسي قبل أن أصفعه على وجهه بسبب هذا المطلب المرعب.
" مصـــــــــروف!!!!! ... مصروف إيه ، هو إحنا حنلاقي نأكل "
صرخت في وجهه بهذه العبارة وبعدها أحسست إني لا أطيق البيت ، فنزلت للشارع قبل أن أجن.
وفي الشارع هاجمتني تلك الأفكار المحبطة والمثبطة للهمم ، نحن في أول الشهر وأنا لا أملك ما يكفي لآخر الشهر ، فهناك مصاريف الأكل والشرب ، غير إيجار البيت وفاتورة الكهرباء والمياه ، غير درس العربي ( ابني في الثانوية العامة ) ودرس المواد الاجتماعية ( ابنتي في الإعدادية ) ومصروف الست الهانم ( زوجتي الحبيبة )
يا نهار أبيض ، ده إحنا الشهر ده حنعيش على الفول والفلافل ولن نرى اللحم في العيد إلا عند الجزار ، شعرت بالضيق يتزايد داخلي وانتابني إحساس بالعجز وضيق اليد والحزن والمرارة و ......

أشكرك يارب
تلفت حولي لأرى من الذي نطق بهذه العبارة ، فرأيت شيخا عجوزا من الباعة الجائلين وهو يقفز بين السيارات على قدم واحدة مستخدما عصا ، ليبيع المناديل ولفت انتباهي الصليب الذي يظهر في يده اليمنى و..... ( أشكرك يارب) قالها مرة ثانية بابتسامة ، فتعجبت كثيرا من حاله ، وذهبت إليه و ...." على إيه بتشكره ، على الفقر اللي أنت فيه ؟ "
نظر لي وقال : على إيه أشكره يا بيه ! ، أشكره على حاجات كثيرة جدا ، أولا على صحتي ، الحمد لله أنا عندي رجل سليمة فهناك الكثيرين مثلي لا يستطيعون مغادرة الفراش من المرض أو الشيخوخة ، أما أنا فبرغم سني أستطيع أن أعمل ولا أتعب.
أشكره على اهتمامه بشربنا وأكلنا ولبسنا ، فهو لا ينسانا قط ولا يستطيع أن ينسانا فنحن أولاده.
أشكره على السلام اللي في بيتنا ، فلم يحدث قط شجار أو تذمر في عائلتي ، بل الكل يشكره ، والكل مقتنع بما هو فيه ولا يوجد من يتذمر أو يتضايق.
أشكره لأنه يجعلني كل ليلة أقف أنا وزوجتي وأولادي ونرفع أيدينا ونصلي إليه ونسبحه على إحساناته.
أشكره لأنه عرفني طريقه وجعلني أنا الغير مستحق أن أذهب لبيته كل أسبوع لآخذ جسده ودمه.
أشكره لأنه مهما أغضبته ومهما أحزنته ومهما قسيت بقلبي عليه ، فهو دائما يسامحني ويغفر لي وينسى كل آثامي إذا عدت إليه نادما.
أشكره ....ياه..... أهذا العجوز الفقير يشكر الله على كل هذا ، وأنا أتذمر على ما أنا عليه .....
سامحني يا إلهي ، فقد ارتكبت عدة أخطاء ، أولا لم أشكرك على كل عطاياك ، واكتفيت بالتذمر بسبب الأحوال المادية فعلا هناك مئات الأشياء التي يجب أن أشكرك عليها.
ثانيا نسيت يا إلهي إنك خالق الكون ومدبر الخليقة كلها ، ونسيت إنك لا تنسى العصافير وتتذكر زنابق الحقل ، فهل من الممكن أن تنساني ؟
باركي يا نفسي الرب وكل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس ، باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته ، الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل أمراضك ، الذي يفدي من الحفرة حياتك ، الذي يكللك بالرحمة والرأفة ، الذي يشبع بالخير عمرك ، فيتجدد مثل النسر شبابك (مزمور 103 )

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers