بحث مخصص

2008-08-01

نور العالم


( هل ستذهبين معنا هذه الليلة إلي حفلة الديسكو؟ ) قالها لي أحد الزملاء الذي يظن نفسه خفيف الظل.
( كلا ، لن أستطيع الذهاب معكم ) قلتها بكل حزم.
( يا لك من فتاة معقدة جدا يا مريم ) قالها نفس الزميل بنفس خفة الظل.
وتركني ومضى ، أما أنا ، برغم إحساسي بالإهانة من عبارته السخيفة ، شعرت أنني يجب أن أشهد للمسيح مهما كان الثمن. فأنا أعيش في الخارج في بلد من البلاد التي تتميز بالانفتاح الشديد والحرية المطلقة وأدرس في مدرسة مختلطة في المرحلة الثانوية ، وللأسف أن العلاقة بين الفتيان والفتيات هنا تعدت مرحلة الزمالة بل تعدت الصداقة ....... فهنا في هذه البلد تجـد مصـطـلح غريب ولكن سرعان ما تألفه وهو (بوى فرند-جير فرند ) تذكرت يوم التحاقي بالمدرسة عندما اندهش جدا المسئول الخاص باستلام الاستمارات عندما وجد الخانة المكتوب بها اسم الـبوى فرند فارغة ( ليس بها أي اسم ) لأني لا أمــلك هذا الــبوى فرند وكاد أن يرسلني للمسئولة النفسية للمدرسة لبحث حالتي الخطيرة ، فكيف وكيف فتاة في السادسة عشر من عمرها لا يكون لها صديق شخصي تخرج معه ويخرج معها ، هذه ، من وجهة نظره ، كارثة شديدة ومشكلة عويصة ومرض نفسي أشد خطرا من الشيزوفرنيا والبارانويا. مرت بي كل هذه الأفكار وشعرت بالضيق الشديد ، فكل الزملاء والزميلات يطلقون علي لقب ( المعقدة ) لأني لا أخرج معهم كل سبت إلي صالة الديسكو لنرقص ونغني ونمرح ، ولأني أرفض أن تتخطى علاقتي بأي زميل علاقة الزمالة وأصر على موقفي هذا. قال البعض : لابد أن أسرتك مرعبة جدا لدرجة إنك لا تقدرين أن تعيشي على طبيعتك يا مريم ، وقال الآخرون : إنك معقدة نفسيا وتحتاجين لعلاج نفسي يا مريم. كل هذا وأنا أتحمل وأتحمل وأعتبر إن هذا هو صليبي ويجب أن أحمله ، إنني أحبهم كلهم وأعتبرهم أخوتي ولكن يجب أن يكون حبي للمسيح أكبر وأن أشهد له وسط هؤلاء ، كما يجب أن أطيع وصيته ، لقد قال : كونوا قديسين كما أن أباكم أيضا قدوس ، وما يفعله زملائي وزميلاتي بعيد جدا عن القداسة والطهارة. وفي يوم دخل مدرس اللغة الإنجليزية وأعطانا قطعة كمبرهنشن (فهم) عن نظام الأديرة في أوروبا في القرن السادس عشر ، وبينما هو يشرح قال لهم :( بالتأكيد أنتم لا تفهمون شيئا من الذي أقوله ، فأنتم لا تدركون كيف يستطيع إنسان أن يحب الله كل هذا الحب ويترك العالم بكل ما فيه ومن فيه ويذهب ليتعبد لله في دير ، أنتم لا تفهمون ذلك ، لأنكم لم تروا إنسانا يحب الله من كل قلبه و ...... )وهنا حدث شيئا لم يكن في الحسبان ، فقد هاج الفصل وماج وقالوا :( كلا ، مريم تحب الله من كل قلبها ، فهي لا تخرج معنا كل سبت للديسكو وليس لها بوى فرند ولا تعطي فرصة لأحد أن يقول لها كلمة لا تليق ، إنها تحب الله جدا ) وهنا سألني المدرس : هل أنت مسيحية ؟ قلت له بكل فخر : نعم أنا مسيحية أرثوذكسية. قال لي : هذا يفسر كل شئ ، فأنتم أيها الأرثوذكس تتمسكون بتعاليمكم وديانتكم وعقائدكم دائما ولا تفرطون فيها أبدا. يومها عدت لمنزلي وأنا أطير من الفرحة ، لقد كنت أعتقد إني متخلفة ومعقدة من وجهة نظرهم ، ولكن الواقع إنهم يحترمونني جدا ويقدرونني ، لقد استطعت أن أشهد للمسيح ، لقد أمكنني أن أكون نور للعالم وملح للأرض. من الممكن أن يهزأ ويسخر أولاد العالم من إبن ربنا ولكنهم من داخلهم يحترمونه ويقدرونه ، ربما يسخرون منه لأنه يكشف أخطاءهم واعوجاج حياتهم ، فيحاولون أن يهزءوا به بكلامهم الجارح وسخريتهم السخيفة ، ليتنا لا نخاف من الناس من حولنا بل نعيش نشهد للمسيح بطهارة سلوكنا.
ينبغي ان يطاع الله اكثر من الناس ( اع 5 : 29 )
لو كنت بعد ارضي الناس لم اكن عبدا للمسيح ( غلا 1 : 10 )
لا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة ( رو 12 : 2 )

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers