بحث مخصص

2008-08-18

رحلة الهلاك


ــ بابا عايز منك ألف جنيه علشان نروح رحلة بمناسبة انتهائنا من امتحانات البكالوريوس.
ــ بتقول إيه يا يونان يا بني ؟ ألف جنيه ؟!! دا أنا زمان رحت رحلة البكالوريوس بـ2 جنيه وزرنا الأهرامات وأبو الهول والقناطر الخيرية.
ــ ها ها !! أنا مش رايح مصر يا بابا ، أنا رايح بعيد
ــ بعيد فين يا بني ؟ الغردقة ، شرم الشيخ ، أسوان ؟
ــ لا لا أنا اتفقت مع أصحابي ، مش حنروح مع الكلية ، حنحجز على الباخرة أسبوع نزور مواني البحر المتوسط في لبنان وإيطاليا وفرنسا وأسبانيا ، كفاية تعب وقرف المذاكرة ، أنا زهقت من كل حاجة في الدنيا وعايز أعيش حياتي.
ــ طيب يا بني تعال معايا بكره القداس ، نصلي وربنا يرشدنا.
وبعد مرور شهر كان يونان وشلته على ظهر الباخرة يغنون ويرقصون ويشربون ويترنحون من فرط الشرب وهم سعداء للغاية و.... وفي لحظة حدث ما لم يكن في الحسبان ، فلم يكن مجدي صديقه في وعيه حين دفع يونان في هزار سخيف ، فهوى من سطح السفينة إلي البحر و .... وجد نفسه في البحر وحيدا وسط الأمواج المتلاطمة وكاد أن يغرق ، فصرخ بكلمة واحدة : يارب .... وفجأة وجد حوتا كبيرا جدا ، برز فجأة من المياه ، وهو يفتح فمه ويقترب من يونان وصرخ وصرخ وصرخ ولكن ما من فائدة ، فالحوت ابتلعه ، ووجد يونان نفسه داخل جوف الحوت. إن مشاعر الرعب والخوف والرهبة التي شعر بها يونان لا يستطيع القلم أن يعبر عنها ، فهل تخيلت نفسك ذات مرة داخل جوف الحوت ؟ ولكن حينما يجد الإنسان نفسه وحيدا بائسا خائفا ، ولا يجد من يلجأ إليه ، فهو يلجأ إلي الله ، عندما تضيق به السبل وحينما يشعر إنه بلا معين ، فهذا ما حدث ليونان ، فلم يجد سوى الله ليصلي إليه في هذه المصيبة. آه يارب ، آه يا إلهي ، أعلم يا إلهي إنك تسمعني رغم أني داخل جوف الحوت ، أعلم إنك تسمعني حتى لو كنت في أعماق الجحيم ، يارب ، إن الموت يحيط بي من كل جانب ، أشعر بنهايتي هذه المرة يارب ، لقد أنذرتني وحذرتني أكثر من مرة ، لقد حاولت يارب أن ترجعني لحضنك بيدك الحانية مرة بكلمة من خادم أو بعظة من كاهن أو..... ثم عندما عاندتك وعاندت ذاتي استعملت معي يدك القوية ، فأصبت بمرض شديد ومع ذلك لم أرجع إليك وأدرك إنها تجربة منك ، ماتت أمي وحزنت لموتها ورغم ذلك ازددت عنادا ومكابرة ورغبة في الخطية ، وأخيرا وجدت نفسي في بطن الحوت ، يارب ، أعدك هذه المرة بأن أتوب ، فأنا ، بعد ما رأيت الموت بعيني داخل جوف الحوت ، لن أفكر بعد ذلك في الخطية ، كل ما أريده منك يارب أن تبقي لي حياتي لعلي أستطيع أن أتوب عن ذنوبي وآثامي ، يارب ، لا تدعني أموت هكذا خاطئ ضال بعيد عنك ، أعطني فرصة أخيرة ، يارب ، استجب لي يا إلهي. ما هذا ؟ إن الحوت الكبير يسبح بسرعة جنونية ويتخبط في الصخور بطريقة هيسترية وأنا بالداخل تغمرني المياه وأكاد أختنق وفجأة إذا بزلزال عنيف يرفعني لأعلى ثم يهوي بي لأسفل ثم تسكن كل حركات الحوت وإذا بي أري بصيص نور من فم الحوت حيث يحاول جيش من رجال الإنقاذ فتحه واجتذابي من داخله ، ووضعي في عربة الإسعاف وبعد ساعتين أفقت تماما وأنا بصحة جيدة ماعدا بعض الجروح التي تركها لي إلهي حتى تذكرني بعهدي الذي لا يمكن أن أنساه ما حييت.

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers