بحث مخصص

2014-10-19

وتبدد الصراع


تعلن شركة مصر للطيران عن قيام رحلتها رقم 707 المتجهة لباريس ، الرجاء ربط الأحزمة وعدم التدخين )
تردد هذا النداء بصورة آلية وأنا في الطائرة ، فابتسمت ووضعت حزام الأمان وتمنيت من أعماق قلبي أن أستمتع بهذه الرحلة ، فسأذهب إلي Paris عاصمة فرنسا مدينة الفن والنور والجمال كما يقال عنها....
نحن الآن على ارتفاع 9 كيلومتر فوق سطح البحر ونحلق فوق البحر المتوسط وسرعة الطائرة  800 كيلومتر في الساعة ودرجة الحرارة خارج الطائرة 50 درجة تحت الصفر وسنصل باريس في حوالي أربعة ساعات )
فابتسمت مرة أخرى واسترجعت معلوماتي عن باريس ، يوجد بها برج أيفل الشهير ومتحف اللوفر الذي فاقت شهرته الآفاق وقوس النصر وحدائق فرساي الشهيرة.
مرت ساعتان وأنا أفكر في هذه الرحلة الجميلة و......
وفجأة رأيت حركة غير طبيعية عند كابينة القيادة وضجة شديدة ورأيت الرعب يرتسم على وجه المضيفات.
الرجاء الهدوء وربط الأحزمة ، فنحن نواجه الآن عاصفة شديدة جدا )
شعرت بتزايد ضربات قلبي وبالعرق الشديد على وجهي وأنا أستمع إليه ، فمن الواضح إن الأمر خطير للغاية ، ولا أعرف لماذا تذكرت حياتي الروحية في تلك اللحظة ، فقد كانت الطائرة تهتز من قوة العاصفة وكأنها مصنوعة من الورق وبدا لي الموت أقرب من حبل الوريد ، فلهذا السبب تذكرت حياتي الروحية. 
ولكن حياتي الروحية ليس فيها ما يستحق التذكر ، لن أقول أنني بعيد جدا ولكني إنسان فاتر روحيا أو إنسان متقلب روحيا ، ترتفع حياتي الروحية بعد الاعتراف وأواظب على الصلاة والكتاب المقدس والتناول وحضور الاجتماعات وأعيش فترة جميلة ثم بعد ذلك أقع في الخطية ، فتنتهي علاقتي بكل ما هو روحي إلي أن تشاء الظروف أن أعترف وأرجع ثانية لحياتي الروحية وهكذا دواليك أقوم وأسقط  وأسقط وأقوم ، ولكني أعرف سبب هذا الصراع ، إني أريد أن أحيا مع الله وأن أعيش في الخطية ، أحب الله ولكني أعشق الخطية ، أقترب من الله ولكني لا أبعد عن الخطية ، ربما كان اعترافي ليس سوى راحة للضمير من وقت لآخر ولكن بدون توبة حقيقية.
ارتفع بكاء الأطفال وعويل النساء وصراخ الرجال وتحول الموقف إلي مأساة حقيقية ونحن نرى الطائرة تهتز هنا وهناك والهواء يضرب بجدران الطائرة بكل قوته وصفير الرياح الذي كان بالنسبة لي أشبه بنداء الموت ، وهنا تذكرت شهواتي وخطاياي ، ماذا انتفعت منها الآن وأنا أرى الموت بعيناي ؟ لماذا لم أحسم الصراع الذي كان يدور بداخلي بين الخطية وبين الله ؟ لقد حسمته الآن ولكن للأسف بعد فوات الوقت.
 لقد تأكدت من مقولة سليمان الحكيم : ( باطل الأباطيل الكل باطل ، ما الفائدة للإنسان من كل تعبه الذي يتعبه تحت الشمس ) ، ولكني أدركت هذا بعد أن انتهى كل شئ ، فعلا كل شئ باطل ، كل خطية نسعى إليها وكل شهوة نريدها ، هي باطل ، هل أسعدتني الخطية ؟ هل أشبعتني ؟ و حتى لو كانت أسعدتني سعادة وقتية ، فما فائدتها وأنا الآن أموت وأذهب للجحيم.
يا إلهي ، لقد انتهى الصراع بداخلي ولكن هل هناك وقت للتوبة ، لا أظن هذا ولكني لن أفقد الأمل ، فقد تاب اللص اليمين في آخر ساعات حياته ، فهل هناك وقت لتوبتي وخلاصي ، أعطني فرصة يا إلهي ، أنت تفرح والسماء تفرح بخاطي  واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون إلى توبة. 
وفجأة اهتزت الطائرة اهتزازة عنيفة جدا وبدت كأنها ستهوى إلي أعماق البحر وبدا لي أن القائد فقد السيطرة عليها وغاص قلبي بين ضلوعي وشعرت بروحي تنسحب مني وصمت الكل من الخوف والرعب وتجمد الموقف للحظات بدت كدهور و....
وعادت الطائرة تحلق بهدوء واختفت العاصفة المخيفة بطريقة شبة إعجازية وبمعونة إلهية وأشرقت الشمس من جديد.
وعندما وصلنا إلي باريس بسلام ، لم يكن أحد يدري كيف حدثت هذه المعجزة ؟ فلقد كان من غير الممكن أن تنتهي عاصفة مخيفة كهذه بهذه الطريقة ، حتى قائد الطائرة كان مذهولا ولكني كنت أعرف السبب ، فقد أعطاني إلهي فرصة جديدة لأثبت له إني قد حسمت الصراع بين الجسد والروح وبين الخطية والتوبة ، وأخيرا تبدد الصراع الذي كان داخلي وعشت حياة توبة حقيقية مع الله. 
حتى متى تعرجون بين الفرقتين ان كان الرب هو الله فاتبعوه وان كان البعل فاتبعوه فلم يجبه الشعب بكلمة   ( 1مل 18 : 21 )

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers