بحث مخصص

2007-10-17

اعرف قيمة نفسك




إن لم أبك على خراب مدن كثيرة ، بل وجميع المدن فإننى انتحب من اجل النفس التى توازى كل هذه، بل واكثر جداً .. اننى لا احزن لاجل دمار مدينة او اسر الاشرار لها ، بل لاجل تدمير روحك المقدسة .. وهلاك الهيكل الحامل للسيد المسيح وابادته ... هذا الهيكل اقدس من ذلك (هيكل العهد القديم) ... فإنه لا يتألق بذهب او فضة بل بنعمة الروح القدس، وبدل تابوت العهد وتمثالى الشاروبيم يوجد فى القلب السيد المسيح وابوه والبارقليط ..
اما الان بعد سقوطك ، فالكل قد تغير ، الهيكل خرب وزال جماله وبهاؤه ولم يعد بعد مزيناً بالزينات الالهية غير المنطوق بها ، بل صار مفتقراً الى كل حماية وحصانة ، فلم يعد له باب ولا متراس ، بل صار مفتوحاً لكل سلوك مدمر للنفس ولكل فكر معيب . فإن اراد فكر حب الظهور او الزنا او حب المال او اكثر من هذه الافكار دنساً ان تدخل فيه ، فليس ما يمنعها . اما قبل السقوط فقد كانت نقاوة الروح فى حصانة السماء لا يدخلها شئ من هنا .
يسوع قادر ان يقيمك
ربما يبدو كما لو كانت انطق بأمور لا يصدقها من شاهد انحلالك وخرابك ، فمن هذه الناحية ابكى منتحباً . ولا اكف عن ذلك حتى اراك قائماً فى بهائك السابق مرة اخرى ، فإنه وان كان هذا يبدو مستحيلاً بالنسبة للبشر، لكن كل شئ مستطاع لدى الله ، فهو (المقيم المسكين من التراب ، الرافع البائس من المزبلة ليجلسه مع اشراف شعبه) مز 7:113 ،8 . وهو (المسكن العاقر فى بيت ام اولاد فرحة) مز 9:113 .
إذا لا تيأس من تغييرك تغيراً كاملاً ..
ان كان الشيطان لديه هذه القدرة ، ان يطرحك ارضا من العلو الشامخ والفضيلة السامية ، الى ابعد حدود الشر، فكم بالاكثر جداً يكون الله قادراً ان يرفعك الى الثقة السابقة ، ولا يجعلك فقط كما كنت ، بل اسعد من ذى قبل .
لا تيــــــأس
لا تيأس ولا تطرح الرجاء الحسن ، ولا تسقط فيما يسقط فيه الملحدون . فإنه ليست كثرة الخطايا هى التى تؤدى الى اليأس بل عدم تقوى النفس . فهناك فئة معينة هى التى تسلك طريق اليأس عندما يدخلون طريق الشر ، غير محتملين النظر الى فوق ، او الصعود الى فوق ما سقطوا اليه .
هذا الفكر (اليأس) الدنس ، يثقل على عنق النفس كالنير فيلزمها بالانحناء ، مانعاً اياها من ان تنظر الى الله فعمل الانسان الشجاع والممتاز هو ان يكسر هذا النير قطعاً ، ويزحزح كل ضيق مثبت فوقه ، ناطقاً بكلمات النبى (مثل عينى الامة الى يدى سيدتها ، كذلك اعيننا نحو الرب الهنا ، حتى يتراءف علينا . ارحمنا يا رب ارحمنا . فإننا كثيراً ما امتلأنا هواناً ) مز 2:123 ،3 .
يقول (امتلأنا هواناً) واننا تحت ضيقات لا حصر لها. ومع هذا لن نكف عن التطلع الى الله ولا نمتنع عن الصلاة اليه حتى يستجيب طلبتنا. لان علامة النفس النبيلة هى الا تنحنى من كثرة الكوارث التى تضغط عليها او تفزع منها، ولا تتراجع بعد عن الصلاة دفعات كثيرة .. بل تثابر حتى يرحمها الله كقول داود الطوباوى السابق .
تمسك بالرجاء
يجرنا الشيطان الى افكار اليأس ، حتى يقطع رجاءنا فى الله ، فالرجاء هو هلب (مرساة) الامان، ينبوع حياتنا، قائدنا فى الطريق المؤدى الى السماء ، خلاص للنفوس الهالكة .. فقد قيل (لاننا بالرجاء خلصنا) رو 24:8 .
الرجاء ، بالتاكيد يشبه حبلاً قوياً مدلى من السموات ، يعين ارواحنا ، رافعاً من يمسك به بثبات ، فوق هذا العالم وتحارب هذه الحياة الشريرة ، فإن كان الانسان ضعيفاً وترك هذا الهلب المقدس، للحال يسقط ويختنق فى هوة الشر.
والشيطان يعلم ذلك ، فعندما يدرك اننا متضايقون بسبب شعورنا بأعمالنا الشريرة، يضع فى نفسه ان يلقى علينا حملاً اضافيا اثقل من الرصاص ، وهو القلق الناشئ عن اليأس ، فإن قبلناه يتبع ذلك حتماً انجذابنا الى تحت بسبب الثقل ، تاركين ذلك الحبل ، ساقطين فى عمق البؤس الذى انت فيه الان ، ناسين وصايا الله الوديع المتضع، متوقعين انذارات الطاغية القاسى وعدو خلاصنا الذى لا يغفو ، كاسرين النير الهين وملقين عنا الحمل الخفيف، لنضع بدلاً منهما طوقاً حديدياً ، معلقين على رقابنا حجارة طاحونة ثقيلة .


للقديس‏ ‏يوحنا‏ ‏ذهبي الفم

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers