بحث مخصص

2008-04-11

عاد من الآسر


هي صيدلانية لكنها بسيطة جداً عرفت فيها الوداعة المتناهية ربما لان نشأتها صعيديه فأبوها رجل يخاف الله ويحيا بضمير حساس يخشى الحرام بطريقه فطريه كما انه متمسك بالقديم في كل شئ ... يلبس الجلباب الصعيدي وعلى رأسه العمامة البيضاء.... ولكنها هي كانت النظارة المكبرة لأبوها وأمها يرون بها كل شئ جميل ولأنها وحيده فكل شئ مطاع لها فى حدود التقاليد الصعيدية ... طرق بابها ابن الحلال بالطريقة التقليدية.... فالصيدلانية مطلوبة ومرغوبة وهو مهندس فى شباب غض نافع بشوش لبق.ملأ البيت بهجة وسعادة وفرح. وهى ازدادت رشاقة وبهجة وتمت الخطوبة وليست الدبله وكأن الدنيا كلها أصبحت في إصبع يدها ...من حقها ان تفرح به.. لا يهيبه اى شئ ولكن بعد اسوبع واحد من الخطوبه تم استدعاء المهندس الخطيب الى القوات المسلحه كان هذا الاستدعاء فى مايو 1967 وبعد فترة قليله انقطعت اخبارة فى الجيش حيث قامت حرب 67 وغاب الخطيب لا حس ولا خبر ... ومضى شهر واثنين وثلاثه وطال إنتظار الخطيبة وهى تندب حظها ولكن تطلب معونه ربها ان يحافظ لها عليه .... كل مناها ان تسمع عنه اى خبر .... اى خطاب اى رساله اى شئ ..... ولكن ..... طال الغيب واصبحت المسكينه فى جحيم وكأن النيران كلها تجمعت لكى تكويها .... فارقتها البسمه واصبحت المناديل هى صديقة عينيها .... دموعها تسيل بغير انقطاع طار نومها... وفارقتها اوقات التسليه.... واصبحت تحيا فى حدة واحمرت عينيها وظهرت حولها هالة زرقاء وإصفر وجهها وبين الحين والاخر ترفع عينيها الى فوق وتقول لا تسمح يارب !!!!!!!!!!1ماذا تفعل المسكينه ؟! حاولت عن طريق المعارف ومحبى فعل الخير ان يطرقوا لها ابواب البحث ولكن كل الطرق كانت موصدة بلا امل ....طرقت ابوبا السجلات العسكريه لتسأل عن اسماء الشهداء او مصابى العمليات العسكريه .....ولكن بعد بحث شاق .....تكون الاجابه اسف .... الاسم غير موجود.حاولت جاهده الاتصال بالمستشفيات العسكريه.... لتسأل عن اسمه لعل وعسى.... لكن كانت الاجابة واحده.الاسم غير موجود..وازدادت الحيرة امام العروس التعيسه......هل تاه فى الجبال ؟ هل هو اسير حرب ؟ هل حدثت له صدمة فقد على اثرها الذاكرة... ولم يعرف السمه او عنوانة!!! ربما .... تعبت الاخت الصيدلانية واصبحت اشبه بهيكل عظمى متحرك او دمية تتحرك فيها عينين زائغتين ... الذهن شارد والاعصاب متوترة وتبكى وتنتحب وتقول ..... دلونى ياولاد الحلال ..... أسأل عنه فين ...؟! وأمها البسيطة تبكى وهى تردد ....( جت ++++++++++++++++++ه تفرح ملقتلهاش .....) اهملت الصيدلانيه عملها .... واصبحت كريشه فى مهب الريح إسودت الدنيا فى عينيها فقدت شهيتها للأكل ...... اهملت لبسها ..... اصبح منظرها قريب الى حد الشيوخ ..انقضى على هذه المأساه عام واربعه شهور وهى فريسه لهذه المأساه التى جعلتها تربط شعرها كعاده اهل الصعيد كشده الصداع الذى كاد يفتك بها ..... ولكن ذات مساء .... دق جرس الباب فجأه على غير العادة حيث اصبحت الساعه العاشرة مساءاً ..... فلم تبالى الصيدلانية بان تفتح الباب فقامت لكى تفتح الباب وفى حركات بطيئه فعلت ..., ومن هو على الباب يطرق الجرس مرة اخرى ..... والام تقول حاضر....طيب .... مستعجل على ايه يللى على الباب .... وفتحت الباب وكانت المفجأه . سمرت قدماها ... وهى تقول مش مش ممكن خط خط خط يبك يادكتورة.....هرولت الاخت الصيدلانيه عانقته امسكت بيه تعلقت والدموع تسيل فى فرحة لم تسبق لها مثيل ...... اغمى عليها ....... حيث اصبح جسمها ضعيف .....تجمع الجيران والمعارف ... افراح وزعاريد.... عاد العريس الغائب ... بدأ يدب فى عينيها بريق جديد ... تنظر اليه وتضحك ودموعها تسيل فى آن واحد .... لم تصدق وهدات وسط تجمع حافل من الاهل والاحباء والجيران ويسألوها اخبرنا .... اين كنت؟ ما سبب الغيبه ؟طالت السهرة الى فجر يوم جديد ... انه حضر من التو واللحظة الى منزل خطيبته واهله لم يعرفوا حتى الان خبر عودته ....المهم الصباح رباح اقنعوه بالمبيت وخاصة انه تعبان وحاضر من تعب الاسر العسكرى ودخل حجرة منفردة فى منزل خطيبته وكانت هى بين الحين والاخر تفتح الباب تجده نائما .... فتقول الحمدلله اشكرك يارب اتركه لكى يشبع نوماً ... بلغ الوقت الى بعد ظهر اليوم التالى ولاحظت الاخت الصيدلانيه انه لا يغير جنبا بل هو نائم على وتيرة واحده ...ز المهم انه عاد بكل سلامة..المهم انه يحب ان يشرب الشاى باللبن .... صنعت له قدحا من الشاى باللبن ودخلت لكى تيقظه .... امها تقول لها اتركيه يرتاح ... ده تعبان ... وفى خطى خفيفة هادئة تقدمت الصيدلانيه نحو السرير على اطراف قدميها ونظرت الى خطيبها النائم وجدته مفتوح العينين الجاحظتين الواسعتين.... لا يتحرك هوته .... صرخت باعلى صوتها ... انهارت وقعت على الارض .. تجمع الناس والجيران والاقارب والكل يضربون كف على كف وهم يقولون يا ريته ما رجع ...!!!دخلت الصيدلانيه مصحة للامراض العطبية بعد ان فقدت صحتها واعصابها واتزان تفكيرها .... بسبب فقدان خطيبها ... وانقطعت اخبار هذه الاخت الصيدلانيه عنى منذ اكثر من عشر سنوات... وفجاه رأيتها فى شارع شبرا تسير وامامها طفل يجرى عمرة 5 سنوات ... سلمت عليها بحرارة لاننى كنت فى لهفه للإطمئنان علي اخبارها .... وعينها على طفلها ... نادت عليه ولكى أراه ... فقالت لى .(ابنى ممدوح) اغمضت عينى وعادت بى الدنيا الى ماضى .... ممدوح .... اى ممدوح لقد مات ممدوح خطيبها منذ اكثر من عشر سنوات .... نعم لم يمت مازال يحيا فى داخلها واعتقد انه لن يمون إنه كيان ‘نسان ... ربما سيكون ممدوح مهندس فى الايام المقبلة ... المهم سلمت على الطفل ممدوح وقبلته وقلت لها ربنا يحافظ على ممدوح ففى لهفة قالت يارب وانصرفت وانصرفت الصيدلانيه وانا اردد فى داخلى المحبة لا تسقط ابدا ...

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers