بحث مخصص

2008-01-17

الأمبراطور العظيم


تولى عرش النمسا الإمبراطور فرانس جوزيف و هو شاب عمره 18 سنة و قد ورث عن جدته الإمبراطورة ماريا أنطوانيت ابنة الإمبراطورة ماريا تريزا إمبراطورية واسعة مترامية الأطراف ، فقد كانت النمسا وقتها ليست دولة صغيرة مثل الآن ، بل ظلت تتسع حتى ضمت أجزاء من إيطاليا و هولندا وألمانيا و غير ذلك من الدول.
كيف يحكم فرانس جوزيف الشاب هذه الإمبراطورية ؟!
لقد كان عنده قصور شتوية وقصور صيفية أعظمها حاليا هو قصر الشامبرون الذي تفوق على قصر فرساي في فرنسا ويوجد به حديقة مساحتها 2 كيلومتر مربع وكل شئ بالقصر مطلي بالذهب عيار 24 قيراط والنجف تضيئه الشموع حيث كان مخصصا له 300 خادم لإضاءة الشمع قبل دخول الكهرباء.
أراد فرانس أن يستكمل الجمال فتزوج أجمل فتاة هي الإمبراطورة سيسي إليزابيث التي كان يبلغ طول شعرها متر ونصف تقضي الساعات في تصفيفيه وقد أنجبت ولد و3 بنات والآن ماذا يريد أكثر من ذلك من الحياة ، لديه كل شئ في الدنيا ، كل ما يتمناه.
غنى ... القصور الشامخة ... الزوجة الجميلة ... الأولاد.... لكنه عاد و راجع نفسه هل كل هذا يشبع النفس وسرعان ما أفاق لنفسه .... وأخذ قرارا أن يترك الحياة المرفهة و يعيش مثلما بدأ عسكري صغير في الجيش ، فاكتفي بــ3 حجرات فقط في القصر الذي بلغ عدد حجراته1442 حجرة ، وطلى الذهب الذي يزين الحجرة بدهان رمادي وعمل مكان يركع فيه ليصلي في حجرة نومه وتعلم حرفة النجارة حتى يكون مثل أي شخص عادي يتعلم حرفة ، وأصر أن ينام على سرير 80 سم من الحديد و مرتبة رفيعة مثلما كان جنديا صغيرا في الجيش مستغنيا عن السرير الإمبراطوري المرصع بالذهب الذي يبلغ عرضه 260 سم و فتح حديقة القصر الشاسعة لكل الناس يتنزهوا بها ، فلماذا يحرم أخوته من هذه المتع ؟
وكان يلصق صور القديسين الصغيرة على دولاب ملابسه حتى تجد صورة 100 قديس في حجرته.
و طلب أن يقابل كل إنسان لديه مشكلة ويريد مقابلته ، فيستقبله و يتحدث معه و هو واقف احتراما له ، وأبدل أثاث حجراته الثلاثة بأساس بسيط للغاية و أحب شعبه و بادله الشعب الحب وأطال الله عمره حتى حكم الإمبراطورية أطول مدة حكمها أباطرة أوربا ، فحكم من سن 18 سنة حتى 86 سنة.
وشعر بالسعادة الحقيقية عندما أحب الله وترك من أجله الكثير وأحب شعبه وبذل كل جهد لإسعاد كل فرد فيه ، فهذه حقا هي السعادة وكل زائر يزور القصر يتعجب للفارق الشاسع بين حجرات الإمبراطور الثلاث وحجرات زوجته الإمبراطورة المرصعة بالذهب و الأثاث الفاخر و لكن من كان أسعد؟؟؟ الذي أحب إلهه و شبع به و ضحى من أجل إسعاد الآخرين أم التي عاشت لنفسها تحاول أن تشبع من متع العالم؟؟؟؟

جلست على قمة العالم حين صرت لا أشتهى شيئا ولا أخاف شيئا (القديس أغسطينوس)

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers