بحث مخصص

2008-03-27

إيمـــان عجيـــب


دخل الخدام لزيارة عم رزق الذى يجلس فى غرفة 2 بالدور الثامن فى معهد الاورام السرطانية بالقصر العينى لكنهم كالمعتاد لم يجدوه فى سريره فقد كان يفتقد عم مينا بالغرفة المجاورة واضطر العامل ان يقف فى منتصف الطرقة ويصيح بصوته عم رزق الذى خرج مسرعا معتذرا عن الازعاج الذى سببه للخدام ويتقدمهم ليدخل الى سريره فى العنبر المحاط ببعض الستائر الزرقاء التى لم تكن تمنع بالطبع الضوضاء من حوله والتفوا حوله فى السرير يسألوه عن حاله فقال نشكر الله على كل حال فأجاب الخادم انا عرفت انك انهارده لتالت مرة تدخل غرفة العمليات وبعد التخدير يأتى قرار الدكتور بمنع اتمام العملية وان اهلك تعبانين جدا فيرد عم رزق والابتسامة تعلو وجهه : انا فعلا دخلت اول مرة وفتح الدكتور الصدر بالكامل ليستأصل الفص الايسر من الرئة لوجود اورام سرطانية به ولكن بعد الفتح لم يتم العملية وقفل الجرح الذى التف حول الصدر والبطن مرة اخرى وتكرر دخولى مرتين وبعد التخدير ارجع تانى لغرفتى فسأل الخادم وانت مش مضايق يا عم رزق او قلقان على فكرة عم رزق عنده خمس واربعين سنه فقط وله بنتان الكبرى بالثانوية وشاب بالاعدادى وبنيانه قوى لانه كان يعمل ببعض اعمال المحارة بجانب عمله فأجاب عم رزق بكلمات نارية كانت مثل السيف الذى يفترق الى الروح والجسد ليلهب قلوب الخدام ويدمى مدامعهم ,انا طبعا مش قلقان لانى متأكد ان ربنا موجود انا عشت عمرى كله بعيد عن ربنا 45 سنة كانت الكنيسة جنبى لكنى عمرى مفكرت ادخلها من كتر مشغوليات الدنيا وهمى انى اجرى اشتغل الصبح وبليل علشان اكفى كل احتياجات البيت وكنت بشتغل بعد الضهر شغلانه ب 150 جنيها وكنت ممكن ابهدل الراجل لو مختهمش وارجع اخر النهار مفكرش فى ربنا وانتوا مش غرب واقدر اقول لكم انى كنت مرة فى الاسبوع مثلا اجيب لحمة او فراخ دلوقتى انا بقالى سنة وشهر راقد فى السرير وزوجتى بصفة مستمرة تجيبلى فى المستشفى فراخ ولحمة. كانت الفاكهة نادرا متدخل بيتنا دلوقتى الفاكهة مش بتنقطع من البيت والاولاد فى حال افضل وانا مش عارف صدقونى كل ده بيحصل ازاى لكن ربنا اكد ليا انه هوه اللى بيعولنا مش احنا. هوة عيزنا احنا عايز قلوبنا تكون معاه
انتوا عارفين وانا نايم فى السرير بتمر حياتى قدامى فيلم سينمائى اد ايه ربنا ندانى وانا مسمعتش . انا فاكر وانا موظف بالتأمين دخل رجل مسن بشعر ابيض وجلس بجانبى وكأنه جاى علشانى انا وهمس فى أذنى وقال" أن عشنا فللرب نعيش وأن متنا فللرب نموت فأن عشنا وأن متنا فللرب نحن "لكنى لم انتبه كنت بصحتى كان جرس الكنيسة يضرب يوم الجمعه اتقلب فى السرير وانا كسلان ولا اذهب للكنيسة لم اتناول فى حياتى الا مرات معدودة دلوقتى صدقونى انا بهرب من المستشفى علشان انزل كنيسة ابو سيفين او القديس بشنونة جنبنا علشان اتناول لدرجة امبارح رجعت جرى لقت السرير كان حيروح لمريض اخر وانهاردة لقيت فى تقرير السرير المريض غير موجود اضطرت شطبتها علشان متعمليش مشاكل مع الدكتور المعالج
صدقونى ربنا موجود بس احنا اللى مش حسين بيه علشان مشغوليتنا سأله الخادم وانت حتعمل ايه فى موضوع العملية ؟؟؟؟ قال انا كاتب اقرار على نفسى بالوفاة و كمان اقرار انى ممكن اعيش 26 يوم بالعناية المركزة فى منتهى الالملكن التناول دلوقتى مدينى قوة و مش خايف حتى الدكاترة والمسئولين هنا بيشوفونى طالع ونازل من غرفة العمليات بضحك مستغربين لكن انا دلوقتى مبقاش يهمنى لانى واثق ان ربنا بيدبر حياتى وحياة عائلتى , الخادمه فى منتهى السذاجة ويا ترى قرأت رسائل بولس 14 !! رد عم رزق فى منتهى البساطة مش بولس ده اللى كان شاول لكن ربنا جذبه علشان يبشر للعالم كله يا ريتنا كلنا نبقى زيه
تعرفوا انا مش ندمان على حاجة فى حياتى اكتر من ندمى على فترة اتذمرت على ربنا فيها وقلت له يعنى كده يا رب تدينى انا المرض فى السن الصغير ده وكل يوم بطلب منه انه يسامحنى على عتابى ليه لان من غير المرض ده مكنتش حعرفه واقرب منه وجايز حياتى كانت تنتهى من غير مكنت اعرفه ودى كانت حتكون اكبر خسارة فى حياتى وفى النهاية طلبت الخادمة من انه يصلى, فاجاب اصلى ازاى ؟؟ قالت له اطلب من ربنا اللى انته عايزه .....فرفع قلبه للسما ودمعت عيناه ولم يطلب لنفسه او عائلته شىء لكن فى كلمات بسيطة قال: يارب يهدى كل قلوب المؤمنين ليه وكمان قلوب غير المؤمنين علشان يعرفوه
وخرج الخدام كل منهم ينظر بنظرات الحزن على كل ما فات فى حياتهم دون ان يعرفوا الهنا الحنون جدا ونبضات قلوبهم تدوى بهذه الكلمات ان عشنا فللرب نعيش وان متنا فللرب نموت فأن عشنا وان متنا فللرب نحن

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers