( ألف مبروك يا دكتور ، ستبدأ فترة الامتياز غدا في مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بالمعمورة إن شاء الله ) ( فترة الامتياز هي فترة إعداد لكل طبيب ويتجول فيها لمدة عام كامل في مختلف المستشفيات الحكومية ليزور مختلف الأقسام )
أخيرا تحقق حلمي وسأصبح طبيبا فعلا ، بعد عذاب 6 سنوات من الدراسة الصعبة والامتحانات المؤلمة ، أخيرا سأتسلم العمل غدا ، يا له من مشوار طويـــــــــــــــــــــل طويــــــــــــــــــــــل جـــــــــــــــــــــــــــــــــــدا.
( صباح الخير يا دكتور، أهلا ومرحبا بك في أجمل وأمتع وأروع مستشفى في الدنيا ، مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بالمعمورة )
قالها لي الطبيب الذي استقبلني بترحاب شديد ولكن ليس ذلك لسواد عيوني ولكن لأني سأخفف عنه الحمل بالطبع ، فلن يضطر المرور كل ساعة على المرضى و قياس الضغط لمريض وإعطاء مهدئ لآخر والاطمئنان على صحة الثالث وبالتأكيد مرضى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية ليسوا من المرضى الممتعين في التعامل معهم.
أخذني الطبيب الشهم من يدي من أول يوم وأخذ يدور بي المستشفى كلها وكأنها مزار سياحي ويشرح لي كل دور من الأدوار والمرضي المقيمين بكل غرفة ودرجة خطورتهم ويريني العنابر والحجرات المختلفة و….ووجدت حجرة متوسطة الحجم ولكنها فارغة تماما إلا من صنبور مياه ( حنفية صغيرة ) !!
وبكل دهشة سألته مستفسرا: ما هذه الحجرة ؟
ضحك الطبيب وقال لي : إنها أهم حجرة في المستشفى كلها ، أجمل وأمتع وأروع مستشفي في الدنيا كلها.
بدا لي الجواب غامضا لحد كبير ، حجرة فاغرة بها حنفية هي أهم حجرة في المستشفى ، من الواضح أن هذا الطبيب قد أرهق نفسه كثيرا مع المرضى حتى أوشك أن يصبح أحدهم.
لم يتركني لحيرتي كثيرا وقال لي : عندما نريد التأكد من حالة المريض العقلية وهل استجاب للشفاء وأصبح إنسانا طبيعيا أم مازال يعاني من الجنون ، فنحن نجري له الاختبار التالي : نضعه في هذه الحجرة ونفتح صنبور المياه لتنحدر منه المياه و تملأ الغرفة ثم نطلب منه أن يفرغ الحجرة من الماء وينشف أرضية الحجرة ونعطيه منشفة لذلك. إذا كان المريض قد شفي وصار عقله سليما ، فأول ما سيفعله سيغلق الصنبور ليتوقف نزول المياه ولو لم يفعل ذلك ، فلن يستطع قط أن ينشف المياه ، إما كان مختلا فسيترك الصنبور مفتوحا وبالتالي سنضطر لاستضافته في المستشفى ، وستطول إقامته معنا.
أعجبتني الفكرة كثيرا ، فهي طريفة ومبتكرة وغير مكلفة بالمرة ، نسيت الأمر تماما وعدت لمنزلي بعد يوم عنيف في المستشفى ما بين مرضى وأطباء( لا تدري أيهما العاقل وأيهما المجنون ) في مستشفى الأمراض النفسية والعصبية ، أجمل وأمتع وأروع مستشفى في الدنيا كلها ( يبدو أني سأصاب بالجنون قريبا جدا )
وفي المنزل ، لا ادري لماذا تذكرت حديث الدكتور عن الحجرة إياها ، وسرحت بخيالي كثيرا في الحديث الذي دار بيننا عن الحجرة العجيبة وتساءلت : هل أتصرف كالمجانين في بعض الأحيان ؟
نعم أني أتصرف مثلهم في حياتي الروحية ، فبدلا من محاولة إغلاق الحنفية ، أحاول تفريغ المياه المتراكمة في الغرفة ، بدلا من محاولة الانتصار على الخطية وإغلاق ينابيع الخطية ، أكتفي فقط بالاعتراف دون توبة حقيقية نعم إني أعترف بانتظام ولا أخفي على أبي الروحي أي شئ ولكن دون رغبة حقيقة في التوبة ، دون محاولة اقتلاع جذور الخطية ، وطالما جذور الخطية موجودة ، فكل ما أفعله سيضيع هباء.
كم من مرة حاولت ترك الخطية وفشلت ، لماذا ؟ لأني لا أكون جادا مع نفسي ، لا أرغب في اقتلاع الخطية ، بل أكتفي بالاعتراف فقط ، ربما لتهدئة ضميري ، ربما لتهيئة نفسي للتناول ، لكن دون رغبة جادة في ترك الخطية.
يا إلهي اجعلني أقتلع جذور الخطية ، لا أريد أن أبقي منها شيئا ، أقتلع من عيني نظرة خاطئة ،أستأصل من قلبي شهوة رديئة ، أطرد من ذهني فكرة شريرة ، أنزع من فمي إدانة.
ساعدني يارب على أن أكون جادا في توبتي ، راغبا في غلق الصنبور ، باذلا كل جهدي لكي أحيا معك بكل جوارحي.
خذوا لنا الثعالب ، الثعالب الصغار المفسدة الكروم لان كرومنا قد اقعلت ( نش 2 : 15 )
أخيرا تحقق حلمي وسأصبح طبيبا فعلا ، بعد عذاب 6 سنوات من الدراسة الصعبة والامتحانات المؤلمة ، أخيرا سأتسلم العمل غدا ، يا له من مشوار طويـــــــــــــــــــــل طويــــــــــــــــــــــل جـــــــــــــــــــــــــــــــــــدا.
( صباح الخير يا دكتور، أهلا ومرحبا بك في أجمل وأمتع وأروع مستشفى في الدنيا ، مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بالمعمورة )
قالها لي الطبيب الذي استقبلني بترحاب شديد ولكن ليس ذلك لسواد عيوني ولكن لأني سأخفف عنه الحمل بالطبع ، فلن يضطر المرور كل ساعة على المرضى و قياس الضغط لمريض وإعطاء مهدئ لآخر والاطمئنان على صحة الثالث وبالتأكيد مرضى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية ليسوا من المرضى الممتعين في التعامل معهم.
أخذني الطبيب الشهم من يدي من أول يوم وأخذ يدور بي المستشفى كلها وكأنها مزار سياحي ويشرح لي كل دور من الأدوار والمرضي المقيمين بكل غرفة ودرجة خطورتهم ويريني العنابر والحجرات المختلفة و….ووجدت حجرة متوسطة الحجم ولكنها فارغة تماما إلا من صنبور مياه ( حنفية صغيرة ) !!
وبكل دهشة سألته مستفسرا: ما هذه الحجرة ؟
ضحك الطبيب وقال لي : إنها أهم حجرة في المستشفى كلها ، أجمل وأمتع وأروع مستشفي في الدنيا كلها.
بدا لي الجواب غامضا لحد كبير ، حجرة فاغرة بها حنفية هي أهم حجرة في المستشفى ، من الواضح أن هذا الطبيب قد أرهق نفسه كثيرا مع المرضى حتى أوشك أن يصبح أحدهم.
لم يتركني لحيرتي كثيرا وقال لي : عندما نريد التأكد من حالة المريض العقلية وهل استجاب للشفاء وأصبح إنسانا طبيعيا أم مازال يعاني من الجنون ، فنحن نجري له الاختبار التالي : نضعه في هذه الحجرة ونفتح صنبور المياه لتنحدر منه المياه و تملأ الغرفة ثم نطلب منه أن يفرغ الحجرة من الماء وينشف أرضية الحجرة ونعطيه منشفة لذلك. إذا كان المريض قد شفي وصار عقله سليما ، فأول ما سيفعله سيغلق الصنبور ليتوقف نزول المياه ولو لم يفعل ذلك ، فلن يستطع قط أن ينشف المياه ، إما كان مختلا فسيترك الصنبور مفتوحا وبالتالي سنضطر لاستضافته في المستشفى ، وستطول إقامته معنا.
أعجبتني الفكرة كثيرا ، فهي طريفة ومبتكرة وغير مكلفة بالمرة ، نسيت الأمر تماما وعدت لمنزلي بعد يوم عنيف في المستشفى ما بين مرضى وأطباء( لا تدري أيهما العاقل وأيهما المجنون ) في مستشفى الأمراض النفسية والعصبية ، أجمل وأمتع وأروع مستشفى في الدنيا كلها ( يبدو أني سأصاب بالجنون قريبا جدا )
وفي المنزل ، لا ادري لماذا تذكرت حديث الدكتور عن الحجرة إياها ، وسرحت بخيالي كثيرا في الحديث الذي دار بيننا عن الحجرة العجيبة وتساءلت : هل أتصرف كالمجانين في بعض الأحيان ؟
نعم أني أتصرف مثلهم في حياتي الروحية ، فبدلا من محاولة إغلاق الحنفية ، أحاول تفريغ المياه المتراكمة في الغرفة ، بدلا من محاولة الانتصار على الخطية وإغلاق ينابيع الخطية ، أكتفي فقط بالاعتراف دون توبة حقيقية نعم إني أعترف بانتظام ولا أخفي على أبي الروحي أي شئ ولكن دون رغبة حقيقة في التوبة ، دون محاولة اقتلاع جذور الخطية ، وطالما جذور الخطية موجودة ، فكل ما أفعله سيضيع هباء.
كم من مرة حاولت ترك الخطية وفشلت ، لماذا ؟ لأني لا أكون جادا مع نفسي ، لا أرغب في اقتلاع الخطية ، بل أكتفي بالاعتراف فقط ، ربما لتهدئة ضميري ، ربما لتهيئة نفسي للتناول ، لكن دون رغبة جادة في ترك الخطية.
يا إلهي اجعلني أقتلع جذور الخطية ، لا أريد أن أبقي منها شيئا ، أقتلع من عيني نظرة خاطئة ،أستأصل من قلبي شهوة رديئة ، أطرد من ذهني فكرة شريرة ، أنزع من فمي إدانة.
ساعدني يارب على أن أكون جادا في توبتي ، راغبا في غلق الصنبور ، باذلا كل جهدي لكي أحيا معك بكل جوارحي.
خذوا لنا الثعالب ، الثعالب الصغار المفسدة الكروم لان كرومنا قد اقعلت ( نش 2 : 15 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق