بحث مخصص

2008-02-14

الفراغ القاتل


عشت في بيت أبي حياة مرفهة أخرج مع صديقاتي في أي مكان وأشتري ما أريد وألبس ما يحلو لي... ولكن شاءت الظروف أن أتزوج وأنا صغيرة في قرية بعيدة عن القاهرة الكبرى وهنا شعرت بالفراغ القاتل ، لا أصدقاء ولا فسح ولا .... ولا .... فكنت أبكي كثيرا وأعيش على أمل النزول في الإجازة للقاهرة وأرتب البرنامج من قبلها بأسابيع وأعد قائمة المشتروات وأقضي الإجازة في الفسح مع الأصدقاء حتى أني كنت أحيانا أذهب للسينما وأحضر فيلمين في نفس اليوم وأشترى أغلى الملابس وأضع المكياج الصارخ. وعندما كان يحدثني أخي عن الذهاب للكنيسة وقراءة الإنجيل ، أجد مئات الأعذار ، فكيف أضيع وقت الإجازة الثمين في مثل هذه الأشياء عديمة الأهمية ، فعندي مئات المشروعات الأهم ، ثم تنتهي الإجازة وأعود لبيتي وأشعر مرة أخرى بالفراغ القاتل ورغبة البكاء والتذمر المستمر على هذه الحياة في المنفى كما كنت أسمي قريتي وعبثا يحاول زوجي التخفيف عني بأن يعدني بالذهاب للسينما في المدينة المجاورة يوم الإجازة ، كان ضميري يستيقظ أحيانا فأخمده بكل الطرق
وفي إحدى الإجازات أعطاني أخي قصة لأقرأها ، فألقيتها في شنطة السفر ووعدته أن أقرأها هناك في المنفى عندما أعود من الإجازة ، وعندما عدت لقريتي تركتها أمامي عدة أسابيع وفي لحظة شعرت بضيق شديد من حياتي حتى كدت أختنق ، فأخذت الكتاب وإذا به قصة القديس العظيم أغسطينوس الذي حاول أن يشبع بكل متع العالم من مال وشهرة وخطية و.... دون جدوى ، فلم يشبع وعاند كثيرا وأخيرا رجع لحضن المسيح وعبر عن سعادته الفائقة إذ قال : تبقى النفس قلقة حتى تجد راحتها فيك يا الله ، لقد أبطأت في حبك أيها الجمال الفائق ، كنت في داخلي وأنا كنت ابحث عنك بعيدا ، ها أنا أراك...( تجد النفس راحتها فيك ) هزت هذه الكلمات كياني وسألت نفسي لماذا أنا حزينة ؟ أي شيء ينقصني مال.... جمال..... صحة.... زوج.... أولاد..... كل هذا لدي ، فلماذا هذا الفراغ القاتل ؟
ولكن عدو الخير شككني في مشاعري وهل يمكن أن أستغني عن أسلوب حياتي السابق وهل حقا سأكون سعيدة ؟ وإذا بصديقتي الوحيدة تزورني في نفس اليوم وكانت مغتربة مثلي وقد غابت عن القرية مدة سنة لظروف مرضها الخطير وإذا بي أراها وجهها منير يشع منه السلام وقد تركت ملابسها الخليعة وحياتها الصاخبة ومكياجها الصارخ فدهشت جدا وسألتها عن سر سعادتها ، فأجابتني إن الله صنع أكبر معجزة في حياتي.
فأجبتها على الفور: هل شفاك الله من مرضك؟ أجابت : اكثر بكثير، لقد عرفني طريقه ووجدت سعادتي معه ورفعني وقت التجربة ، فأنا لا أخشى الموت الآن ،فهو الطريق الذي سيوصلني لحضن الآب سالت دموعي غزيرة وأنا أتأمل وجهها وكأني أرى فيها صورة السيدة العذراء .... تسليمها .... وداعتها....
وما أنا خرجت صديقتي حتى جثوت على ركبتي أبكي وأبكي وأقول له اقبلني أنا أيضا .... لن أجد سعادتي إلا فيك.
طرق زوجي الباب وهو يقول لي: آسف جدا يا عزيزتي، لقد تأخرت جدا في العمل وخايف تزعلي وتتنكدي أننا مش حنقدر نروح السينما الليلة فأجبته بسعادة شديدة : لقد وجدت سعادتي في المسيح ، لقد وجدت اللؤلؤة الكثيرة الثمن
فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن مضى وباع كل ما كان له واشتراها ( مت 13 : 46 )

ليست هناك تعليقات:

 

website traffic counters
Dell Computers